أرجع مفتي المملكة العربية السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ حالة عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط إلى (نتائج أفعال العصاة والمذنبين من المسلمين) على حدّ تعبيره، ليبرأ بذلك ضمنياً الاستبداد والديكتاتوريات من أية مسؤولية عن الثورات الشعبية ضدها· وقال آل الشيخ: (ما تواجهه البلدان الإسلامية اليوم من الفتن والاضطرابات واختلال الأمن وتفتيت الوحدة، إنما هو نتيجة ذنوب العباد ومعاصيهم) في إشارة إلى رفضه للثورات العربية المطالبة بالديمقراطية والحرية وإنهاء الاستبداد والقمع وكبت الأنفاس· وتهجم مفتي المملكة على ملايين المتظاهرين العرب المطالبين بحقهم في الحرية والديمقراطية، ووصفهم ب(الغوغاء) واتهمهم بارتداء قناع (الديمقراطية) لارتكاب الأفعال التي (تؤدي إلى الظلم وعدم الاستقرار في الأمة الإسلامية) على حدّ زعمه، وكأنه بذلك يطالبهم بالاستمرار في خنوعهم للأنظمة الشمولية الفاسدة وقبول استبدادها إلى الأبد· جديرٌ بالذكر أن الكاتب الأمريكي توماس فريدمان رأى أن ما يحدث اليوم بمنطقة الشرق الأوسط يشير إلى (تعثر الربيع العربي، وضياع آمال المتفائلين بالانتقال نحو الديمقراطية والمستقبل الزاهر)· وقال فريدمان في مقال له في صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية: (إن بريق الصحوات العربية الإسلامية تلاشى أمام ما يوصف بأنياب الثورة المضادة التي تحاول وأد المستقبل وما يحمله من آمال)· وأضاف: (بالنظر إلى الأوضاع والتطورات الجارية في تلك البلدان، على المرء أن يدرك أن آفاق عملية انتقال سلمي للسلطة والسير نحو العملية الديمقراطية أضحت واهية)· وأوضح أنه في بداية الربيع العربي، تولَّدت لدى الشعوب آمالٌ بالانتقال من عصور الاستبداد المتأصل إلى زخم الديمقراطية، إلا أن مسيرة الديمقراطية تتعثر يومًا بعد يوم، وعلى الرغم من أن البعض قد يعتقد بأنه من السابق لأوانه الإصابة بالإحباط من نجاح الثورات، إلا أنه ليس مبكرًا أيضًا الحديث عن المخاوف والقلق من فشلها· وأكد فريدمان أن بقايا الأنظمة السابقة لا تزال تتشبَّث بالسلطة، وأوضح أن (المعتقدات والأفكار البالية المتآكلة في تلك البلدان أعمقُ بكثير من أن يدركها معظم المواطنين فضلاً عن ضعف وغياب منظومة المؤسسات الديمقراطية والتقاليد والنماذج)·