قصة كفاح فنان تختصر على الشاشة بثلاث دقائق، ظاهرة ابتدعها العاملون في قطاع الإعلانات لجذب الجمهور إلى منتج معيّن، من أبرز أبطالها محمد منير الذي برزت سيرته في إعلان لإحدى شركات الاتصالات، والممثل آسر ياسين في إعلان لأحد المشروبات الغازية يستغلّ القيمون على هذه الحملات الإعلانية تاريخ الفنان منذ طفولته حتى تحقيقه النجومية، مستخدمين عناصر إعلانية جذابة ويستعينون بأولاد يشبهونه لتجسيد مرحلة الطفولة والمراهقة، كل ذلك في دقيقة ونصف· أثارت هذه الإعلانات تساؤلات حول مدى إفادتها للمُنتَج والنجم، وهل ستصبح موضة أو تيمة جديدة للنجوم في الإعلانات؟ هل شعور النجوم بالخجل من تقديم الإعلانات دفع القيمين عليها إلى إقحامهم فيها بوصفهم نجوماً؟ ومع تشابه الإعلانات لدى أكثر من شركة هل هذا التكرار مسؤولية الصناع أم النجوم أم الاثنين معاً؟ وهل هو في صالح المنتجات أم الأبطال؟ في مؤتمر صحافي عقدته شركة الاتصالات بمناسبة إطلاق حملتها الإعلانية، صرح محمد منير بأن مهمته كمطرب التعبير، في أغنياته وكل عمل يشارك فيه، عمّا في داخل كل مصري من أحاسيس وانفعالات وتحديات وطموحات، مضيفاً أنه وافق على عرض سيرته الذاتية بشكل ملخص ليتعرف الجمهور إلى مشواره الفني ويستفيد منه· بدوره أوضح عماد الأزهري، مدير القطاع التجاري في الشركة المموِّلة للإعلان، أن محمد منير لم يستفد من الإعلان بقدر ما استفادت الشركة، قال: 0هدف حملتنا إعطاء أمل للمشاهد بإمكانية تحقيق طموحاته رغم الصعاب، فهو بأمس الحاجة اليوم، في ظل الظروف الشائكة، إلى من يبعث فيه روح التفاؤل، ويحثه على متابعة حياته وألا يدع شيئاً يوقفه _ كما يقول شعار الحملة- عبر استخدامه عروض الشركة...· ولفت الأزهري إلى أن ثمة فرقاً بين إعلان فودافون وسبرايت، فالأخير يعتمد على فكرة أنا كده ... هكذا أفكر وأريد ولا يهمني أي شخص)، فيما يتمحور الأول على عرض نموذج لشخصية كافحت حتى حققت نجاحاً في مجال معين· ولفت الأزهري إلى أن الشركة قررت استمرار الحملة بالفكرة نفسها إنما بالاستعانة بأشخاص عاديين مثل إعلان (فودافون أوبن)· فرصة للفنان (تعطي هذه الإعلانات انطباعاً عن النجم أكثر من المُنتَج)، في رأي كريم عايش، المدير الإبداعي في شركة طارق نور للإعلان، لأنها فرصة للفنان لترويج تاريخه أكثر من التسويق للسلعة أو الخدمة التي يُعلن عنها، وتشجع الجمهور على أن يتخذ هذا الفنان مثلا أعلى له، فيقّلده في طموحاته وحتى الصعوبات التي يواجهها· وأوضح عايش أن هذه الطريقة منتشرة في الدول الأجنبية، وظهرت في العالم العربي، العام الماضي، مع عادل إمام في إعلان مع شركة الاتصالات نفسها، لقناعة صنّاعها بأن هذه الطريقة تجذب الجمهور لمتابعة الإعلان، وهي بالتأكيد ستفتح باباً أمام تشجيع فنانين سبق أن رفضوا خوض الإعلانات لأنها أمر تافه، بنظرهم· وأشار عايش إلى أن اعتماد شركتين الفكرة نفسها قد يضرّ بمصلحة منتجاتهما ويتسبب في نشوب خلافات تصل إلى القضاء، لا سيما إذا كانت إحداهما قد سجلتها في الشهر العقاري كاحتكار لها أو عدم السماح لغيرها باستخدامها· توظيف سليم يرى د· صفوت العالم، أستاذ الإعلان في جامعة القاهرة، أن الاستشهاد برحلة نجم محبوب مثل محمد منير منذ السبعينيات لغاية اليوم، وتحقيقه نجاحاً في حفلاته وتهافت شركات الاتصالات عليه وجعله محور حملاتها، أكبر دليل على رغبة الشركات في ربط نجاحاته بإنجازاتها... وأضاف العالم: (التنظيم والتوظيف الدعائي السليم الذي رافق هذه الحملات دفع الجمهور إلى التعلق بها، ولفتت الانتباه إليها قبل عرضها، عندما أقيمت مسابقات لاختيار أطفال مشابهين لآسر ولمنير في فترة الطفولة، وقتها سألنا عن السبب وعرفنا أن ثمة إعلانات تعرض لرحلة حياتهما منذ طفولتهما حتى أصبحا نجمين، وكل هذا الجدل كان في صالح المنتج الذي تسوّق له الشركتان في المقام الأول)· أوضح أن شركة الاتصالات اشترت حقوق حفلة محمد منير الأخيرة في العين السخنة، وسيطرت إعلاناتها على العرض، وبالتالي حصلت على حقها الكامل منه، في هذه الحالة يكون المنتج المستفيد من هذه الطريقة وليس النجم· أما عن آسر ياسين فوضعه مختلف، في نظر العالم، كونه نجماً واعداً على رغم عدم امتلاكه جماهيرية كبيرة، (لكن شركة المشروبات الغازية تنبأت له بمستقبل باهر بعد نيله جوائز في مهرجانات، لذا ربطت طموحاته كفنان شاب في طريقه إلى الشهرة بطموحات الشباب لأنهم الفئة الأكبر التي تتناول مشروبها، لاسيما أننا على مشارف فصل الصيف، وهنا يكون المستفيد آسر لأنه غير معروف لدى البعض، وسيزيد هذا الربط والسرد من قاعدة جماهيريته وسيعود بالنفع على المنتج)· منجم ذهب رأت الناقدة خيرية البشلاوي أن القيمين على الإعلانات لم يعد لديهم جديد يقولونه، فاستعانوا بهؤلاء النجوم ليجذبوا الجمهور الذي يعشقهم لمشاهدة تاريخهم في ثوانٍ· أكدت أن الإعلانات الجديدة تخدم الفنان لأنها تجعله حاضراً باستمرار في ذاكرة الناس، وأضافت: (إذا حاولنا تذكر آخر فيلم قدمه آسر ياسين سنستغرق وقتاً طويلا حتى نعرفه ولا نعلم ما إذا كان لديه فيلم أو مسلسل يعمل عليه حاليا، وبالتالي يعيش فراغاً يريد أن يملأه بإعلانات توفر له وضعاً اجتماعياً مميزاً، إلى أن يجد الفيلم الذي ينعشه في ذاكرة المشاهد)· تشير إلى أنه (لا نستطيع القول إن أي إعلان شارك فيه نجوم هو سيئ أو مستواه ضعيف لو لم يتضمن فكرة، مثلما حدث مع إعلان شركة الاتصالات، الذي جمع فيه نجوماً شباباً وكباراً أيضاً، ما زاد من نسبة مشاهدته)·