لعل من أبرز ما يميز دراما رمضان فى 2012 أن معظمها خلت من الشخصيات المثالية والملائكية التى كثيرا ما تبارى النجوم والنجمات فى تقديمها خلال السنوات الماضية. فكثير من النجوم والنجمات الذين كانت تكتب لهم تلك الأعمال خصيصا خلال السنوات الماضية كانوا يعتبرون (النموذج المثالي) أقرب طريق إلى قلوب المشاهدين، وفي كثير من الأحيان جاءت النتيجة بشكل عكسي خاصة أنه ليس من السهل إقناع المشاهد بوجود مثل تلك النماذج على أرض الواقع. ولم تنج تلك الأعمال من تندر المشاهدين الذين رسموا أجنحة الملائكة على تلك الشخصيات في إشارة إلى عدم وجودها بأرض الواقع. غير أن دراما 2012 بالفعل شهدت تحولا رأى فيه البعض استجابة للتغيرات النفسية للجمهور نفسه تأثرا بمجريات الأحداث التي أعقبت ثورة 25 يناير حيث اكتشف الكثيرون حجم الخداع الذي تعرضوا له من جانب النظام السابق وباتوا أكثر ميلا لمتابعة الشخصيات الواقعية إن لم تكن الشخصيات الشريرة. غير أن آخرين تمسكوا بالنموذج المثالي في أعمالهم سواء كان ذلك بقصد أو مجرد مصادفة، لا سيما مسلسلات (فيرتيجو) الذي تلعب فيه الممثلة هند صبري شخصية المصورة (فريدة) التي تسعى لكشف لغز جريمة قتل رغم ما تواجهه من مخاطر. وكذلك الحال مع الممثلة غادة عادل التي تواجه مافيا تجار الأدوية في مسلسل (سر علني)، وتتحدى الجميع سعيا لوقف تلك العصابات. لكن نجوما آخرين لم يفعلوا ذلك، وبينهم النجمات يسرا ونبيلة عبيدة وإلهام شاهين، ومعهن النجوم أحمد السقا وآسر ياسن وكريم عبد العزيز وغيرهم فضلوا الاقتراب بدرجة أكبر من الواقع المعاش بعيدا عن المثالية خشية أن تأتي بردود أفعال سلبية خاصة أنها تعرض لجمهور خارج من ثورة عارمة حطم فيها كثيرا من القيود. فآسر ياسين لم يتردد في قبول دور (البلطجي) في مسلسل يحمل الاسم نفسه حيث يعيش فى عزبة (النمل) التي يسود فيها قانون الغاب والبقاء فيها للأقوى، ورغم أن بطل العمل (حمزة" جاءت له الفرصة كي يكون الأقوى لكنه قبلها على مضض. وقام ياسين في العمل بأداء الكثير من المشاهد التي يمكن وصفها ب(العنيفة) التي تكفي وحدها لخسارة تعاطف عدد ليس بالقليل من المشاهدين خاصة عندما استغل ذكاءه ليقود أحد أعضاء الحزب الوطني المنحل للفوز في انتخابات مجلس الشعب. ولم يكن الفنان أحمد السقا أقل شجاعة من آسر ياسين عندما جسد دور الضابط بمسلسل (خطوط حمراء)، ورغم أنه ظهر مثاليا فى الجزء الأول من العمل بحرصه على تعقب تجار عصابة تجارة الأسلحة، لكنه فقد كثيرا من التعاطف عندما أقدم على إطلاق النار على نجل زعيم العصابة عبد العزيز مخيون رغم أنه كان جريحا يتألم من الرصاصة الأولى، في مشهد عكس (دموية) من جانب الضابط لا سيما بعد أن أظهر شماتة لشقيق القتيل أثناء القبض عليه. ورغم تعاطف الكثيرين مع السقا الذي دخل السجن بتلفيق قضية رشوة قبل ذبح زوجته أمام عينيه، إلا أنه في المقابل هناك من يرى ما جرى له (طبيعيا) لأنه لم يتصرف في حدود عمله وبالغ في الانتقام من العصابة وكأنه ثأر شخصي وفقد (الضابط) صفة المثالية. الممثلة نبيلة عبيد، التي تعرضت لنقد شديد، بسبب ملائكية الشخصية التي قدمتها في مسلسل (العمة نور) قبل سنوات وغابت منذ ذلك الحين عن الدراما، عادت هذه المرة لتلعب شخصية (الملكة) في مسلسل (كيد النساء) وهي تاجرة مخدرات وزعيمة عصابة تتصارع مع الممثلة فيفي عبده على أموال الفنان أحمد بدير بطريقة كوميدية. الممثلة يسرا التي كان يرى البعض بأنها تبالغ في تقديم النماذج المثالية في الدراما كسرت تلك القاعدة في مسلسل (شربات لوز) وبدأ الجمهور يشاهدها في زي المرأة الشعبية التي تعكس واقعها والعالم المحيط بها بتصرفات تتأرجح بين حسن النية وتدبير المكائد دفاعا عن النفس، لكنها تبقى نموذجا واقعيا ومثيرا لامرأة شعبية.