تزايدت مؤخرا حالات التسمم الغذائي بالجزائر لتقارب نحو 6 آلاف حالة تسمم سنويا، وتعد الوجبات المقدمة في محلات الأكل السريع وكذا الحفلات والمطاعم الجماعية من أبرز المسببات لحالات التسمم بسبب قلة النظافة وسوء التخزين. تشهد محلات الأكل السريع إقبالا كبيرا من الكثيرين، وتعد فئة العمال والطلاب من أكثر المقبلين على هاته المحلات أين تكثر حالات التسمم الغذائي بسبب انعدام معايير النظافة، ولمعرفة الأوضاع عن كثب قصدنا إحدى محلات الأكل السريع المتواجد بعين النعجة والذي يعد عينة لكثير من المحلات المشابهة له من حيث ظروف العمل. وبمجرد دخولنا المحل لفحتنا حرارة لا يمكن تحملها بسبب اكتظاظ المكان، وكذا من الحرارة المنبعثة من الأفران، وأول منظر يوحي بالإهمال وقلة النظافة هو هيئة العاملين التي يمكن أن تكون لأي مهنة عدا مهنة لها علاقة بصحة المستهلكين وكذا بتقديم الطعام لهم، حيث يرتدي العمال هنا أشياء تشبه المآزر متسخة لدرجة أن لونها البيض تغير للون آخر، والغريب في الأمر أن الشخص الذي يقوم بتحضير الوجبات والذي يقوم بلمس الخبز بيدين عاريتين هو نفسه الذي يقبض النقود من الزبائن، ومع ارتفاع درجة الحرارة بالمحل غير المكيف والذي لا يحتوي حتى على مروحة لتغيير الهواء ما يجعل كل من في المكان يتصبب عرقا وبما فيهم القائم على صنع البيتزا الذي كثيرا ما يقوم بمسح العرق بيديه ثم يكمل عمله بتحضير العجين ورقه، ومع كل هذه الأمور التي تدعو للقرف يواصل الكثير الأكل غير مكترثين أو غير منتبهين إلى ما قد يشكل خطرا على صحتهم. ويعد كل ما ذكرناه أمورا يمكن رؤيتها من مكان جلوسنا بالطاولة، أما ما خفي فهو أعظم والذي يشكل خطرا حقيقيا على صحة المستهلكين، حيث يقوم الكثيرون بتخزين اللحوم ومشتقاتها بطريقة غير صحية، خاصة بالنسبة للحم المفروم الذي يستعمل غالبا من اللحوم المجمدة لانخفاض سعره مقارنة باللحم الطازج، والذي يوضع لساعات خارج الثلاجة في حين يجب استعماله مباشرة بعد ذوبانه، إضافة إلى صلصة الطماطم وكذا المايوناز التي تحضر من البيض النيئ ما يجعلها مادة سريعة التلف لكن مع هذا تبقى معرضة للحرارة طيلة النهار، إضافة إلى الاستعمال اللامحدود للزيت في عدد مرات القلي. كما تعد الفئران والصراصير شركاء للمستهلكين في بعض المحلات التي انعدمت فيها شروط النظافة إلى أقصى الحدود، فكثيرا ما تراها وهي تتجول بالمحل أمام مرأى الزبائن وأحيانا تدخل حتى في مكونات الأكل المقدم، مثل ما أوضحت لنا إحدى السيدات التي اشترت شطيرة لتجد بداخلها صرصورا مما جعلها تعزف عن الأكل خارج المنزل. وحسب الإحصائيات فإن الجزائر تسجل سنويا حوالي 6 آلاف حالة تسمم غذائي، وقد سجل خلال السداسي الأول من السنة الجارية 743 حالة تسمم، وقد تم في سنة 2011 إحصاء 4421 حالة، تسببت وجبات الأكل السريع في 43 % من الحالات و46 % الحفلات العائلية والمطاعم الجماعية فيما تبقى 11 % من الحالات تعود لأسباب أخرى. ويحدث التسمم الغذائي جراء تناول أطعمة فاسدة تحمل مواد سامة وميكروبات، وتعد أعراض التسمم الغذائي من الأعراض المعروفة والتي من السهل التعرف عليها، حيث تتمثل في الغثيان والإسهال وأحيانا ارتفاع في درجة حرارة الجسم، مغص حاد، وتظهر هذه الأعراض خلال 2448 ساعة. ومع الارتفاع الكبير لحالات التسمم الغذائي والتي كثيرا ما تدخل أصحابها المستشفيات يجب تفادي الأكل خارج المنزل إلى للضرورة مع اختيار محل يراعي شروط النظافة، ومن جهتها تبقى وزارة التجارة لها مسؤولية كبيرة فيما يحدث حيث يجب وضع قوانين صارمة اتجاه محلات الأكل السريع وكذا المطاعم وإلزامهم بتطبيق شروط النظافة كاستعمال قفازات أثناء الطهي وارتداء ملابس نظيفة وكذا الحفاظ على نظافة مكان العمل وتكثيف عمل فرق المراقبة للتخفيف من هذه الظاهرة التي باتت تهدد حياة الكثيرين.