تسجل سنويا الجزائر أكثر من أربعة آلاف حالة تسمم تصعد وتيرتها كل فصل الصيف ، نتيجة لغياب الرقابة وجشع التجار الذين يتلاعبون بصحة المواطنين ولا يحترمون أدنى شروط النظافة والصحة في المحلات التجارية والمطاعم . في جولة استطلاعية قادت فريق " المواطن" إلى عدة أسواق يومية وأسبوعية على غرار سوق مولود برينيس ببلدية باش جراح و" مارشي "12 بلكور، وكذا في الشوارع العاصمية تم الوقوف على الكم الهائل من المحلات التجارية التي يعمد أصحابها إلى وضع سلعهم مباشرة على الأرصفة، بعد أن تحول هذا المكان إلى ملكية خاصة تابع لمحلهم يعرضون فيه مختلف البضائع ويضعون فيه ثلاجاتهم ، ومنها ما خصص للحليب والمشروبات الغازية إلى جانب هذا يلجأ التجار إلى ركن عشرات القارورات من الماء المعدني ورفوف البطاطس المجففة على حافة الشارع وبمقربة من الطريق. احتلال الأرصفة ..ظاهرة تسابق إليها كل التجار وعندما حاولنا الاستفسار حول الظاهرة ، كشف لنا احد التجار ببلكور بالعاصمة ، الذي لا يبعد عن مقر دار الصحافة إلا بأمتار قليلة بأنه يضع ثلاجة حفظ المثلجات خارج المحل من اجل منع الأطفال ، من الدخول إلى المحل ،مشيرا إلى أن حركتهم تعيق نشاطه داخل محله المخصص لبيع المواد الغذائية العامة ،كما أشار صاحب محل بمحاذاته إلى أن مساحة محله التجاري لا تكفي لتخزين عدد كبير من القارورات الماء المعدني والمشروبات بمختلف أنواعها ، ومن اجل تسهيل حركة الزبائن نعمل على وضعها وتصفيفها بالقرب من المحل أي على فوق الرصيف مع توفير الظل الكافي لحمايتها يقول التجار . والأمر نفسه لاحظناه عند تجوالنا ببعض شوارع العاصمة كشارع حسيبة بن بوعلى وشارع الحرية أين لاحظنا ظاهرة عرض المواد الغذائية للبيع على الأرصفة منتشرة، رغم أنها تقع في قلب العاصمة ،وأكد احد المواطنين في هذا الصدد أن الحملات التحسيسية والتوعية التي تقوم بها الجهات المسؤولة للحد من الظاهرة لا تأتي بنتيجة أبدا ، مادامت لا تجبرهم على دفع غرامات كبيرة. والغريب في الأمر أن عرض المنتوجات التي تسبب بطريقة وأخرى بالتسممات الغذائية طالت المواد الغذائية الحساسة مثل البيض وكل ما هو مصنوع من مشتقات الحليب تسلط عليها دراجات حرارة جد عالية خاصة في اوج فصل الصيف ، إلا أن المستهلك بالجزائر متعود على شراء هذه المواد الغذائية الحساسة والتي تتلف بسرعة خاصة عندما تتعرض لأشعة الشمس مثل الحليب ومشتقاته الشوارما والبيتزا ....حديث آخر قد يجذبك منظر الشوارما بوقفتها الشامخة والبيتزا بشكلها ورائحتها المغرية للأكل ،غير أن الكثير من المواطنين وجدوا أنفسهم يدفعون ثمن إغرائها ، فمنهم من وجد نفسه ملقي على سرير أحد المستشفيات جراء قطعة بيتزا غير صالحة والسبب يعود لجهل الكثير منهم للطريقة التي تحضر وتحتفظ بها هذه المأكولات ، ففي السنة الماضية لقي خمسة أشخاص حتفهم بسبب المأكولات السريعة ،حسب إحصائيات جمعية حماية المستهلك ،في حين تعرض أكثر من 4 ألاف شخص لتسمم غدائي بسبب تناولهم وجبات سريعة تحضر في ظروف غير صالحة خصوصا الشوراما والبيتزا والبطاطس المقلية التي تبقى وقت طويل عرضت للغبار والبكتيريا . أكد بعض من تحدثنا إليهم من المواطنين أن حيهم الواقع ب" على موازي بالجزائر العاصمة اهتز العام الماضي على وقع خبر وفاة السيدة ن.ربيعة" التي رحلت تاركة ثلاثة أطفال ويعود سبب الوفاة لتسمم غدائي اثر تناولها قطعة بيتزا فاسدة أدخلتها المستشفى لمدة ثماني أيام ، لتلفظ أنفاسها في الأخير وبذلك يتكرر سيناريو البيتزا القاتلة التي تسببت الشهر الماضي في وفاة شاب يبلغ من العمر 18 سنة اثر تناوله بيتزا مصحوبة بالمايونيز الفاسدة، كما أصيب 41 شخص بتسمم غدائي .في حين تشير إحصائيات إلى إصابة أكثر من 800 شخص بتسمم جراء تناولهم مايونيز الفاسدة. من جهة أخرى أصدرت مصالح قمع الغش ومراقبة النوعية 42 إنذارا لملاك محالات الأكل السريع التي وجدت بها اختلالات بالنظافة وتم حجز كميات معتبرة من المواد الفاسدة وسريعة التلف بعدما قامت بتفتيش 190 محل تجاري وجدت 40 منه فير حالة متردية بالإضافة إلى حجز مواد فاسدة سريعة التلف مثل المواد الموجهة لصنع الحلويات واللحوم والحليب ومشتقاته وصرصور داخل الساندويتش... وسط البطاطس المقلية والسلاطة الحادثة دفعته إلى التوجه مباشرة لمصالح مكافحة الغش ومراقبة النوعية قصد إبلاغهم بالسابقة الخطيرة في فن الطبخ الجزائري الذي تعدى الوصف ،واكتفى بالتعليق قائلا "مارا ناش شناوة ناكلو الحشرات .فأصحاب محلات الأكل السريع المختصون في صناعة البيتزا والساندويتشات يتهاونون في طرق حفظ وسلامة هذه المأكولات ،وبالنظر إلى مكونات البيتزا الجزائرية ،نجدها بعيدة كل البعد عن نظيرتها الايطالية ،فالجبن المستخدم عندنا المعروف باسم" الشيدار " ماهو إلا المادة الأولية التي تدخل في صناعة جبن "القرويار " ،بالإضافة إلى الاستهتار في طرق حفظ اللحم المفروم والتونة ،وكلها مواد حساسة تتعرض للتلف وتهدد صحة المواطنين . وبصفة عامة ،فان جميع حالات التسمم تحدث بسبب غياب المراقبة ،فاللحم المجمد الذي لايحفظ بطريقة سليمة والمايونيز والبيض الفاسد وراء أكبر عدد من ضحايا التسمم . فحسب مصالح مراقبة النوعية ومكافحة الغش ،أن هناك محلات لبيع الأطعمة السريعة لا تتوفر على أدنى شروط النظافة ،فالزيارات المفاجئة للمحلات تظهر غياب المسؤولية وعدم احترام مدة صلاحية المنتجات المستخدمة ،بالإضافة إلى انعدام النظافة ،كل ذلك يؤثر سلبا على صحة وسلامة المواطنين الذين يشترون موتهم مقابل وجبة سريعة قد تكون قاتلة. .