لم يحظ مقهى (دي. كابنشينو) باهتمام غير عادي عند افتتاحه في ماي الماضي في حي مدينة نصر بالقاهرة، لكن مع تزايد الاستقطاب في المجتمع المصري بين التيار الإسلامي والاتجاهات الليبرالية أصبح المكان فجأة في دائرة الضوء. ويتميز المقهى بمظهر جذاب وموقع راق لكنه يطبق قواعد مختلفة تماما عن المقاهي الراقية الأخرى التي انتشرت في أنحاء مصر في السنوات الأخيرة. يحظر (دي. كابتشنو) الاختلاط بين الجنسين ويخصص قاعة للرجال وأخرى للنساء وقاعة ثالثة للعائلات تفصل بينها حواجز. ولا يسمح المقهى بالتدخين ولا بالموسيقى. ورغم الثناء الشديد من أنصار التيار الإسلامي على المقهى فقد أثار انتقاد كثيرين آخرين. وصفت صحيفة (الوطن) اليومية المقهى في موضوع نشرته في الآونة الأخيرة بأنه (مثالٌ آخر لمحاولات الحكومة التي يقودها الإسلاميون ومؤيديها لتغيير الهوية المصرية المتسامحة) على حدّ زعمها. ويقول الليبراليون إن الإسلاميين يعملون على (فرض رؤيتهم بالتدريج على المجتمع المصري). وبات ملاَّك المقهى رغما عنهم طرفا في عملية الشد والجذب السياسية والثقافية المحتدمة في مصر منذ هيمنت جماعة الإخوان المسلمين على السياسة في البلد. لكن رواد المقهى يقولون إنهم يشعرون براحة في مكان مثل (دي. كابتشينو) يماثل في نظامه المقاهي الموجودة في دول الخليج مثل السعودية. وذكرت صحيفة (الوطن) في موقعها الإلكتروني أن (دي. كابتشينو) بداية لسلسلة كبيرة من الفروع في مختلف أنحاء مصر. وقال رجل يدعى محمد إسلام (لم نكن نقدر على دخول مكان فيه اختلاط.. كان يُنظر إلينا بنظرات غريبة جدا.. ما الذي أتى بكم إلى هنا؟ أغلب الناس في مثل هذه المقاهي كانت تتخيّل أن أصحاب اللحى والسيدات الملتزمات لا يمكن ان يجلسوا لتبادل الحديث في مكان مثل هذا). وينفي ملاك المقهى ارتباطهم بأي شكل بجماعة الإخوان المسلمين ويقولون إن الفصل بين الجنسين داخل المكان لا يختلف كثيرا من حيث المبدأ عن تخصيص عربات للنساء في قطارات ميترو الأنفاق. وذكرت صحفية تدعى جهاد أمين أن من الخطأ تصنيف مقهى (دي. كابتشينو) على أنه إسلامي وانتقدت من يرفضون فكرته. وقالت (أنا لا أراه مقهى إسلامياً، أنا أراه مقهى عائليا وكفى، إنه يعجبني كفكرة، فمثلما هناك مقاه مختلطة، فهناك بالمقابل مقاه لا اختلاط فيها، لأن زبائنها لا يحبون الاختلاط وهذا من حقهم، إذن الموضوع بسيط. هؤلاء موجودون فأين المشكلة؟). ويجتذب المقهى مسلمين محافظين ونساء يبحثن عن مكان لا يتعرضن فيه لمضايقات كما يحتذب رجال الأعمال الذين يجدون فيه الهدوء المنشود للحديث بخصوص العمل أثناء الغداء دون أن يقاطعهم صوت أحدث أغنية مصورة يتصاعد من شاشة تلفزيونية ضخمة. وأيا كان دافع ملاك (دي. كابتشينو) لإنشاء المقهى فمن المؤكد أنه أثار انتقاد المعارضين لتزايد نفوذ الإسلاميين في مصر. وتثير هيمنة الإسلاميين على الساحة السياسية في مصر قلق الليبراليين وكثيرا من المتدينين الذين يعارضون ما يصفونه ب (قيود أخلاقية) أو اجتماعية. لكن الخلاف بين الإسلاميين ومعارضيهم أبعد ما يكون عن ذهن بعض رواد المقهى مثل أحمد زين. وقال زين (نحن نبحث عن بيئة هادئة لا اختلاط فيها، ولا سجائر أو شيشة وفي نفس الوقت أيضاً يتمتع بالجودة. فهم في دي. كابوتشينو جمعوا كل هذا ووفروا لي جزءاً من عدم الاختلاط ووفروا لي جودة في المنتج الذي يقدمونه سواء كان مشروباً أو أكلاً. وأنا لا أرى أن هناك أيّ تصنيف. والحديث عن مقهى إسلامي أو غير إسلامي تصنيف غير سليم). ويضم المقهى مصلى للنساء وآخر للرجال. كما يسمح (دي. كابتشينو) بإقامة حفلات أعياد الميلاد والمناسبات الاجتماعية الأخرى.