تعيش 1300 عائلة بحي عين المالحة بجسر قسنطينة أوضاعا مزرية داخل بنايات فوضوية تفتقر إلى أدنى ضروريات الحياة، من ماء وكهرباء وغاز طبيعي، كما أن الحي تغيب فيه حتى قنوات صرف المياه وهذا ما انجر عنه تكدس المياه القذرة، ناهيك عن تحول الحي إلى مزبلة عمومية جراء النفايات والأوساخ المتراكمة. تلك المزبلة التي لم تر التفاتة السكان أو السلطات المعنية لرفعها منذ شهور من أجل إزالة الخطر عن هؤلاء السكان الذين يعانون جراء تلك الأوساخ من عدة أمراض، جعلت حياتهم كلها تدور بين القذارة ومشاكل انعدام الماء والكهرباء وبين تنقلهم بصفة يومية إلى المستشفيات دون جدوى بسبب تلك النفايات والروائح الكريهة والقاذورات التي تلازم المكان وتتقاسم تواجدها في الحي مع هؤلاء المواطنين. ولدى تنقل (أخبار اليوم) إلى حي عين المالحة استقبلتنا تلك الملامح المتذمرة واليائسة من الحياة التي كانت مطبوعة على وجوه بعض المواطنين الذين يقطنون في ذات الحي، ولدى نزولنا إلى الحي كانت الكارثة الكبرى بوصولنا إلى المفرغة العمومية للنفايات التي كان مقرها بمحاذاة تلك البنايات الفوضوية وشاهدنا تراكم المياه القذرة التي تتوسط الحي وتتجمع فيه لعدم وجود قنوات لصرفها خارج البنايات. ناهيك عن كون المياه والكهرباء لم يعرفا طريقهما بعد إلى الحي رغم أن الحي من الخارج يظهر مهيأ بأسلاك الكهرباء إلا أن العائلات مازالت تعيش في الظلام ما عدا تلك التي حظيت بشفقة القاطنين أمام الحي الذين تصدقوا عليهم بسلك لتزويدهم بالكهرباء، ونفس الشيء بالنسبة للماء حيث أكد لنا المواطنون أن السكنات المحاذية هي التي قامت بتزويدهم بالماء. ولدى حديثنا مع هؤلاء القاطنين ناشدوا السلطات المعنية ضرورة الالتفات إليهم لإيجاد حل للوضعية المزرية والكارثية التي يعيشون فيها رفقة أولادهم المعرضين لخطر الأمراض والأوبئة أكثر، حيث أكدوا لنا أنهم يطالبون بحقهم في الحياة كمواطنين بتوفير لهم أدنى ما يحتاجه الإنسان للعيش من نظافة وماء وكهرباء وقنوات صرف المياه. وأضاف هؤلاء المواطنون أنهم يعانون من أمراض خطيرة جراء تراكم النفايات وانعدام أدنى النظافة، وأشاروا في حديثهم إلى وجود الجرذان التي تتقاسم معهم الحياة، حيث أكد لنا أحد المواطنين في هذا السياق أن ابنته البالغة من العمر 4 سنوات تعرضت إلى عضة من الجرذان التي تتواجد في تلك القمامات. إلى جانب الجرذان تحدث السكان عن كل أنواع الحشرات السامة والخطيرة وعن الأفاعي، التي تمنع عنهم النوم والراحة خوفا على أولادهم. وأعرب السكان عن استيائهم من السلطات البلدية التي تغلق أبوابها في وجوههم في كل مرة يحاولون فيها الشكوى أو مطالبتهم بتسوية أوضاعهم والعمل على تنقية المكان وتوفير ما يطالبون به من ضروريات الحياة. وأضافوا أنهم تعبوا من تلك الوعود الكاذبة التي لم تتحقق أبدا دون أن يتم إنجاز أي شيء. وفي ذات السياق اشتكى المواطنون من تماطل السلطات وقيامهم بإنجاز مشاريع باسم حيهم دون أن تمس حيهم في الواقع. لتبقى أمام صمت السلطات المعنية تلك العائلات تصارع الموت وتتقاسم حياتها مع الأفاعي والجرذان دون أن تلقى آذانا صاغية من شأنها أن تزرع لها شيئا من الأمل في الحياة.