بدأ الأمل في إنهاء مرحلة الانتقال في تونس بإجراء الانتخابات نهاية هذا العام يتلاشى نتيجة تأخّر المجلس الوطني التأسيسي في المصادقة على مشروع الدستور، وتشكيل الهيئة العليا للانتخابات، وإقرار قانون الانتخاب وقانون العزل السياسي لرموز النظام السابق. وأصبح من الصعب التقيّد بموعد الانتخابات في ظل الاحتقان السياسي بين الفرقاء حول الكثير من القضايا الخلافية، سواء حول مشروع الدستور أو حول مسائل لا تقلّ أهمية مثل العنف السياسي والتعيينات الإدارية، وهو ما جعل بعض المراقبين يستبعد إجراء الانتخابات قبل ربيع 2014. وكان رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر قد اقترح في مارس الماضي رزنامة عمل تقضي بإجراء الانتخابات يوم 15 ديسمبر المقبل على أقصى تقدير، على أن تتمّ المصادقة على مشروع الدستور في شهر جويلية الحالي، لكن الرزنامة طرأ عليها بعض التأخير. وتأخر إنهاء النقاش العام للدستور بأسابيع عن موعده المحدّد في ماي الماضي، ولم يشرع بعد المجلس التأسيسي في مناقشة فصول مشروع الدستور، قبل أن يصوّت عليه بأغلبية يجب أن لا تقل على ثلثي النواب ال217 للمصادقة عليه دون المضي إلى الاستفتاء. وعن سبب تأخّر المجلس في المصادقة على مشروع الدستور يقول النائب عن حركة وفاء عبد الرؤوف العيادي إنّ أداء المجلس كان محكوما بصراع مفتوح بين النخبة العلمانية والإسلاميين، مشيرا إلى أنّ (الاحتراب السياسي) لم يسمح بالمضي بسرعة إلى الانتخابات. وحمّل المعارضة مسؤولية ما سماه (تمطيطا) في عمل المجلس التأسيسي الذي يشرف على صياغة الدستور، قائلا إنها كانت تسعى لإسقاط تجربة الائتلاف الحاكم الذي تقوده حركة النهضة ويشاركها فيه حزبا المؤتمر والتكتل، لأنها تفتقد إلى (قاعدة شعبية) وليس لها ثقة في الانتخابات. واستبعد العيادي إجراء الانتخابات المقبلة قبل مارس 2014، مشيرا إلى أن الكثير من العمل لا يزال على طاولة المجلس التأسيسي بدءا بالتوافق على الدستور والقوانين المرافقة له مثل قانون العزل السياسي، الذي سيمنع المسؤولين السابقين من الترشح، وصولا إلى قانون الانتخاب. ويتوافق معه النائب عن حزب حركة النهضة وليد البناني الذي يقول إن المسعى السياسي للحكومة والمجلس الوطني التأسيسي في إجراء انتخابات نهاية العام اصطدم بمساعي أطراف معارضة هدفها تعطيل مسار الانتقال حتى لا تقع الانتخابات، على حدّ قوله. وأشار إلى وجود دعوات (مشبوهة) لبعض قوى المعارضة للتمرّد على السلطة المنتخبة والمطالبة بحلّ المجلس التأسيسي وإسقاط الحكومة، مؤكدا أن هناك ثورة مضادة تسعى لعرقلة المسار الديمقراطي واستنساخ الانقلاب على الشرعية في مصر، وفق تعبيره. وتوقع البناني بدوره إجراء الانتخابات في ربيع 2014، في انتظار المصادقة على الدستور والحسم في بعض الخلافات ولاسيما حول النظام السياسي وسنّ قانون الانتخاب وبدء عمل الهيئة العليا للانتخابات الذي يتطلب -وفق رأيه- على الأقل ستة أشهر حتى تستجيب الانتخابات للمعايير الدولية. لكن النائب عن حركة نداء تونس المعارضة خميس قسيلة قال إنّ احترام موعد إجراء الانتخابات نهاية هذا العام أصبح (صعبا جدا) لأنّ حركة النهضة الحاكمة لم يكن لها أيّ إرادة في (تسريع الانتخابات). واتهم حركة النهضة بأنها ترفض سنّ قانون يحدد سقفا زمنيا أقصى لموعد إجراء الانتخابات، كاشفا أنّ قوى المعارضة ستنسق تحركها في الفترة المقبلة للمطالبة بتحديد واضح ودقيق لخريطة الطريق السياسية. ورغم إشادته بوجود بعض الآليات الضامنة لإنجاز انتخابات نزيهة وشفافة كإحداث هيئة للإعلام السمعي والبصري وهيئة وقتية للقضاء، فإنّ قسيلة يقول إنه لا يمكن إجراء انتخابات نزيهة في غياب التوافق السياسي لمراجعة التعيينات الإدارية والقضاء على العنف السياسي. حجز كمية من الأسلحة والذخيرة شمال العاصمة تونس من جانب آخر كشفت وزارة الداخلية التونسية، أول أمس عن حجز كمية من الأسلحة والذخيرة النارية خلال عملية مداهمة لأحد المنازل بحي الغزالة من ولاية أريانة، شمال العاصمة تونس. وأضافت الوزارة أن فرقة مكافحة الإرهاب قد نفذت عملية أمنية مساء الأربعاء أفضت إلى حجز كمية من الأسلحة والذخيرة النارية، في حين قد تحصّن صاحب المنزل، المنتمي إلى تيار ديني متشدد بالفرار، على حد تعبيرها، مكذبة ما راج في وسائل الإعلام المحلية حول العثور على قنابل بالمنزل. يُذكر أن عمليات حجز الأسلحة في تونس قد تطورت خلال الأشهر الخمس الأولى من سنة 2013، بحسب تقارير عن طبيعة العمل الأمني صادرة عن وزارة الداخلية التونسية. ووفقاً لما نشرته الداخلية التونسية منذ بداية العام، قامت الفرق الأمنية المختصة بعشرات العمليات النوعية حجزت خلالها كميات هامة من الأسلحة المتطورة، غير أن عمليتي مدنين بالجنوب الشرقي وبلدة المنهيلة غرب العاصمة تبقى الأكبر من حيث النوع والكم. ويرى مراقبون أن الشريط الحدودي مع ليبيا يشكل المصدر الرئيس لأغلب كميات الأسلحة المحجوزة داخل التراب التونسي، كما أشار إلى ذلك تقرير للأمم المتحدة نشر في 11 أفريل 2013.