تميّزت الساحة السياسية خلال الأيّام الأولى من الشهر الفضيل بنشاط محتشم لبعض الأحزاب التي اكتفت بتنظيم نشاطات رمضانية محضة، وعلى العكس من ذلك تحرّكت أحزاب أخرى في كلّ الاتجاهات، نافضة عنها غبار الخمول السياسي الذي اعتدناه كلّما حلّ شهر رمضان الذي يعدّ هذه السنة آخر رمضان قبل الانتخابات الرئاسية، وهو ما أنعش الساحة السياسية بشكل واضح. على خلاف سنوات سابقة، لم تندثر مظاهر الحياة السياسية في الجزائر منذ دخول شهر رمضان الفضيل، خصوصا وأن الجزائر على أبواب الاستحقاقات الرئاسية، وهو ما دفع العديد من الأحزاب الرّاغبة في أن تكون في واجهة الرئاسيات إلى النشاط الحثيث لكسب ثقة المواطنين باكرا من أجل الظفر بنسبة أكبر من الدعم للترشّح للرئاسيات المقبلة في ظلّ المنافسة الكبيرة المنتظرة بين مختلف الأقطاب والأحزاب والتيارات في ظلّ العدد المعتبر للأحزاب التي تزخر بها الساحة. وقد اعتادت الساحة السياسية أن تشهد (صوما سياسيا) في رمضان، حيث يبتعد أغلب رجال الساسة عن الساحة، خاصّة بعد أن أصبح الشهر الفضيل يتزامن مع ارتفاع محسوس لدرجة الحرارة. ويشهد أكبر حزبين في البلاد، الأفلان والأرندي، حراكا كبيرا لكنه يصنّف في خانة الحراك السلبي، بالنّظر إلى المشاكل الداخلية المعقّدة التي يعيشها حزب جبهة التحرير الوطني وبدرجة أقلّ التجمّع الوطني الديمقراطي. وفي سياق نشاطات الأحزاب الرّمضانية يمكن الإشارة إلى الحيوية الكبيرة التي أضفاها انتخاب عبد الرزاق مقري رئيسا لحركة مجتمع السلم، حيث تحاول حمس التحرّك داخليا وخارجيا. وقد نظّمت حركة مجتمع السلم وقفة تضامنية يوم الجمعة الماضي تزامنا مع الفتنة المصرية، حيث جاء في هذه الوقفة استنكار للانقلاب العسكري الذي حدث، والذي اعتبرته حمس غير مقبول تماما ويتنافى مع ميثاق الاتحاد الإفريقي الذي ينصّ على إدانة الانقلابات وعدم الاعتراف بالأنظمة التي تنبثق عنها. أحزاب تتفرّغ للنشاط الاجتماعي ذكر جهيد يونسي رئيس حركة الإصلاح، حسب موقع الحزب الالكتروني، أن برنامج حزبه خلال شهر رمضان يتمحور حول تنظيم العديد من الندوات السياسية عبر مختلف ولايات الوطن، بالإضافة إلى أمسيات لترتيل وحفظ القرآن، فضلا عن تنظيم إفطارات جماعية للمواطنين الذين ليس لديهم مكان للإفطار في شهر رمضان. بينما أكّدت شلبية محجوبي رئيسة حزب الشبيبة والديمقراطية أمس في اتّصال لها مع (أخبار اليوم) أن حزبها ينشط في عدّة ولايات من التراب الوطني في إطار النشاطات الرّمضانية كتوزيع قفّة رمضان وافتتاح مطاعم الرّحمة في ولاية تلمسان لمساعدة الفقراء والمحتاجين وعابري السبيل، مشيرة إلى أن الحزب سيقوم بعقد ندوة تقيمية لملتقى أحزاب القطب الوطني الذي تمّ عقده عشية رمضان باعتبار حزب الشبيبة والديمقراطية ضمن أحزاب القطب الوطني. وأردفت المتحدّثة أن حزبها سيعقد لقاء جهويا في وهران الأسبوع المقبل، وبذلك أكّدت محجوبي أن حزبها ينشط بطريقة محتشمة مقارنة بالأيّام الماضية قبيل شهر رمضان. حراك سياسي أمّا عن نشاط حركة النهضة في الأيّام الأولى من شهر رمضان فقد عقد الأمين العام الدكتور فاتح ربيعي لقاء صبيحة يوم الاثنين الماضي مع الأستاذ محسن بلعباس رئيس الحزب التجمّع من أجل الثقافة رفقة أعضاء من القيادة الأرسيدي بالمقرّ الوطني لحزب الأرسيدي، أين دار النقاش حول الوضع السياسي العام، وتناولوا وجهات النّظر حول أهمّ الأفكار التي من شأنها أن تخرج البلاد من وضعها الحالي إلى آفاق رحبة تكون فيها الكلمة للشعب. وقد أبدى الطرفان رغبة في التعاون والتشاور بما يفضي إلى تكريس التعددية الحزبية الحقيقية لترسيخ الإرادة الشعبية والديمقراطية. وعن حزب جبهة الشباب الديمقراطي للمواطنة فقد انتقد أحمد فوراية عدم إشراك جميع الأحزاب والخبراء والكفاءات الوطنية في التعديل الدستوري، كما تهجّم على دعاة التوجّه إلى مرحلة انتقالية، معتبرا أن هذه الأخيرة قد تؤدّي إلى الانفلات الأمني وزعزعة الاستقرار الوطني. وذكر أحمد فوراية في بيان له أمس، تلقّت (أخبار اليوم) نسخة منه، أن الوضع السياسي في البلاد اليوم (حرج إلى أبعد الحدود يحتاج إلى التغيّر الهادئ والسلمي كون أن الجزائر منذ 51 سنة لم تعش هذا العبث السياسي وعلى كلّ الأصعدة)، معتبرا أن القطاعات الأكثر ضررا التي يعاني منها مباشرة المواطن هي الصحّة والسكن والعدالة والثقافة والتربية والتعليم والعمل مثل أزمة البطالة التي (أنهكت شبابنا وأنقصت من فرص النّجاح لديهم وأفسدت عليهم بناء مستقبل الأسري).