الجزائر تتسلم رئاسة الدورة الجديدة    معرض الإنتاج الجزائري ينطلق اليوم    حركة "حماس" ترحب باعتماد الأمم المتحدة قرارا يؤكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره    الشعب الفلسطيني ومخاطر الإبادة الجماعية    فينيسيوس الأفضل في العالم    توقيف 22 مناصراً أخلّوا بالنظام العام    التظاهرة الوطنية الشتوية للشباب تنطلق الجمعة    هلاك 10 أشخاص خلال 24 ساعة    تتويج الفائزين بجائزة اللغة العربية    روائع قصص الصحابة في حسن الخاتمة    رابطة العالم الإسلامي ترحب بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة حول حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره    نجاح دبلوماسي جديد للجزائر    تأجيل رحلة الجزائر مرسيليا    أشغال عمومية: رخروخ يتباحث مع وزيرة التجهيز والإسكان التونسية سبل تعزيز التعاون الثنائي    تطور إيجابي لمنظومة الرقابة في الجزائر    حجز كوكايين بسطيف    الرئيس يتسلّم أوراق اعتماد سفراء جدد    الأمم المتحدة: الاحتلال الصهيوني يسرع ضم الضفة الغربية وانتهاك القانون الدولي    الوزير الأول يترأس اجتماعا للحكومة    اختتام المهرجان الدولي الثاني عشر للمالوف وسط أجواء الطرب الأصيل    التجارة الإلكترونية تنتعش في عصر السرعة    مصلحة جديدة لجراحة الأورام    إقلاع أول طائرة من مطار دمشق إلى حلب    محطات سياسية وقرارات هامة عززت بناء الصرح الديمقراطي    الوطنية والأدب المفرنس..!؟    الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تدين اللاإنسانية لنظام المخزن    اليوم العالمي للغة العربية: ندوة فكرية بالجزائر العاصمة حول "اللغة العربية والتواصل الحضاري"    "دمقرطة المغرب" مرتبطة بتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية    آن الأوان لعملية سياسية بسوريا تحت مظلة أممية    دعم مادي وبيداغوجي للجالية بالبلدان التي تعرف انتشارا    "موبيليس" راعي رسمي ومشارك بفضاءين    سحب شهادة إثبات الاحترام من المستوردين المخلّين بالتزاماتهم    أهداف التنمية المستدامة في مجال السكن: الجزائر أحرزت مؤشرات ايجابية    التذكير بمبادرة الرئيس تبون لحلحلة الوضع في أوكرانيا    برمجة مشاريع تنموية هامة قريبا    أعطاب شبكة التوزيع تحرم السكان من الماء    نيوكاسل يرغب في حسم صفقة مازة سريعاً    غويري يتلقى أنباء سارة    الاتحادية تعقد جمعيتها العادية هذا السبت بالشلف    12 سؤالا ل5 وزراء    يومان دراسيان بالجزائر العاصمة حول دور المتحف في الإنتاج السينمائي    استكشاف النقد السوسيولوجي لدى واسيني الأعرج    مشاريع للتحسين الحضري وترقية الواقع المعيشي للسكان    لهذا السبب تأخر التحاق عوشيش بالمنتخب الوطني    المهرجان المحلي لقصر المنيعة القديم    رولا جرادات وحلم قسنطينة    هذا ما قدمه النجم الجزائري في موسم 2024-2025..ارتفاع جنوني في القيمة السوقية لأنيس حاج موسى    إنها سورة المائدة    فتاوى : لا يسقط السجود على الوجه إلا بالعجز عنه    إعداد ورقة طريق للتعاون والشراكة بين قطاعي الإنتاج الصيدلاني والتعليم العالي والبحث العلمي    فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله    رونالدو الظاهرة ينوي خوض تحد جديد    نقل بحري:تأجيل رحلة الجزائر-مرسيليا من الخميس إلى الجمعة بسبب سوء الأحوال الجوية    حرمان النساء من الميراث حتى "لا يذهب المال إلى الغريب" !    اتفاقية تعاون بين كلية الصيدلة ونقابة المخابر    90 بالمائة من أطفال الجزائر مُلقّحون    الجوية الجزائرية تعلن عن تخفيضات    التوقيع على اتفاقيات مع مؤسّسات للتعليم العالي والبحث العلمي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خبز فرنسي... طيب!
نشر في أخبار اليوم يوم 04 - 08 - 2013


بقلم: حسين شبكشي
فرنسا البلد الساحر الآسر، بوصلة الناس لعالم الأزياء والفخامة والعطور والطعام، تعاني من أزمة خاصة جدا تثير فيها القلق والثقة بالنفس. هذه الأزمة (الحادة) تتعلق بإحدى أيقونات الهوية الفرنسية والمقصود هناك تحديدا هو الخبز، هناك انخفاض (كبير ومزعج) في استهلاك الفرنسيين للخبز، وهو الأكلة الأساسية المفضلة التي عرفوا بها حول العالم، وذلك بشكل الخبز الفرنسي الطويل والمميز والمعروف باسم (الباغيت) وله أسماء أخرى في العالم العربي مثل (الصمن) و(الفينو) و(الصامولي).
الفرنسيون انخفض استهلاكهم من الخبز بنسبة 50 في المائة مقارنة بالعام 1970، مما استدعى حراكا فوريا من نقابة الخبازين الفرنسيين لإطلاق حملة دعائية وطنية كبرى وشاملة في كافة أنحاء المدن الفرنسية تشمل إعلانات طرق وصحف وتلفزيون (شعارها أين خبزك اليوم؟)، الغرض منها رفع استهلاك الفرنسيين مجددا للخبز.
فرنسا في الأساس بلد زراعي بامتياز، وفيها أكبر تجمع للخبازين المستقلين في العالم؛ إذ يتجاوز عددهم 38 ألف خباز. والباغيت الواحد يكلف أقل من دولار أميركي، مما يعني أنه يوفر قيمة غذائية كبيرة بسعر رخيص جدا، علما بأن هناك 10 مليارات باغيت تباع سنويا في فرنسا.
وتمجيدا للخبز في فرنسا تقيم الحكومة مهرجانا سنويا كبيرا كل عام في شهر ماي في نفس عيد القديس هونوريه (قديس الخبازين) لأجل أن يقوم الفرنسيون بتذوق أكبر قدر ممكن من أنواع الخبز لتطوير حاسة التذوق عندهم. وفي العاصمة باريس هنا مسابقة سنوية كبرى لاختيار أفضل مهارة لأحسن طباخ للباغيت، وبعد اختيار الفائز يتم اعتماده ليكون طاهيا للقصر الرئاسي الإليزيه، وذلك للرئيس الفرنسي وضيوف الدولة، علما بأن آخر متسابق فاز بها كان المهاجر التونسي رضا خاضر، وهو الذي هاجر لفرنسا منذ أكثر من ربع قرن ليعمل فيها خبازا.
رغم وجود 38 ألف خباز في فرنسا فإن المهنة في خطر؛ لأن عدد الخبازين في انحدار، فلقد كان عددهم عام 1950 مثلا متجاوزا ال45 ألفا. غزو (فكري) جديد هو سبب تدهور استهلاك الفرنسيين للخبز، أو على الأقل هذا هو التفسير الذي يجده مريحا عدد كبير من المفسرين التاريخيين وعلماء الاجتماع لما حدث.
فهناك تفسير أن الإفطار (الأميركي) قلل استخدام الاعتماد على الباغيت وفضل كل ما هو سريع وخفيف وقليل الجودة، وبالتالي انحسر استهلاك الباغيت، ولكن هناك رأي يعتقد أن المنتج نفسه فقد الكثير من جودته، وبالتالي نكهته وتميزه بسبب تغيرات كبيرة طرأت على طريقة تجهيزه وإعداده في العشرينات من القرن الميلادي الماضي بسبب توريد أنواع أردأ من الدقيق الذي يسارع في عملية الإعداد والطهي، وبالتالي مضاعفة الإيرادات، ولكن في الثمانينات الميلادية بدأ الوعي يدب من جديد في عقول الخبازين الفرنسيين الذين عادوا إلى أنواع أجود وأرقى من الدقيق، ولكن الأثر السلبي كان قد تحقق وابتعدت أجيال كثيرة من الفرنسيين عن الباغيت، وها هم اليوم يحاولون بحملة مركزة إعادتهم إليها.
قصة الفرنسيين واعتزازهم بأيقونة وطنية والدفاع عنها بشكل عملي وجميل، وهي قصة فيها أبعاد مهمة وكثيرة ما بين الوطني والاقتصادي والثقافي والاجتماعي. مسألة بسيطة، تم إهمالها وتم التعامل معها وكأنها طارئ عام.
الخبز له رمزية بالغة الدلالة في ثقافات الشعوب، ويتم توظيف ذلك الأمر في الحكم والأمثال الشعبية: (عيش وملح)، (كسرة خبز)، (لقمة العيش)، ولكن مع الفرنسيين أخذت المسألة بعدا اقتصاديا ووطنيا جميلا فيه من العبر والدروس ما يمكن أن يقدم لشعوب وأمم أخرى جملة التحفيز على إعادة استهلاك الخبز في فرنسا بالأرقام والمتوسطات المحترمة مجددا تقدم نموذجا لافتا كيف يمكن الدفاع عن التراث والرمز بشكل عقلاني ومنطقي وعاطفي لا يهين الذكاء ولا الفطرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.