مظاهر تصب في وعاء التنصير في صمت لم تتبق إلا أيام قلائل وتغادرنا سنة 2013 بأفراحها وأحزانها لتحل علينا سنة جديدة، وككل سنة شرعت بعض الفنادق والمطاعم في استلام الحجوز والتحضير لتلك الليلة التي لا تكون كسائر الليالي دونما شك، بحيث توسطت مداخلها الرئيسية أشجار أعياد الميلاد بما لا يمت الصلة بديننا وأعراف مجتمعنا، فذلك العيد لا يعنينا لا من قريب ولا من بعيد إلا أن مظاهر الاحتفال تتجسد من خلال بعض السهرات الماجنة المقامة هنا وهناك من طرف من تعودوا على مظاهر البذخ والترف في تلك الليلة. نسيمة خباجة قبل أكثر من عشرين يوم من نهاية السنة الميلادية شرعت بعض الفنادق في برمجة الحفلات التي ستقام عبرها بمناسبة حلول السنة الجديدة وهي العادة التي دأبت عليها الفنادق، والغريب في الأمر أنها هيأت بمداخلها أشجارا يفوق علوها الثلاثة أمتار، وازدانت تلك الأشجار بالأنوار المتلألئة من دون أن ننسى علب الهدايا التي اصطفت تحت تلك الأشجار التي تجسد العادة النصرانية المحضة في الاحتفال، وهو ما وقفنا عليه في فندق الهلتون بالعاصمة أين كانت تتمركز بالمدخل شجره كبيرة الحجم تنبئ بقدوم أعياد المسيح بما لا يمت الصلة بأعرافنا وتقاليدنا. بحيث تشرع الفنادق في الحجوز لتلك الليلة التي تغزوها المظاهر السلبية من كل جانب حتى أنها لا تعنينا كمسلمين، ولا يتأخر البعض في إعداد العدة وصرف الملايين لاجتياز وعيش أجواء اليوم الأخير من السنة الميلادية التي لا تكون كسائر الأيام طبعا بالنسبة للبعض، وتشرع المطاعم والأماكن الفخمة كالفنادق في الإعلانات الإشهارية لحفلات أعياد المسيح والتي لا تكون طبعا بالمجان بل مقابل مبالغ خيالية تقدر بالملايين، وتقام مهرجانات وحفلات تلعب عبرها بعض الفنادق على العقول الضعيفة لالتهام أموالها في الباطل، مادام أن الطرف الآخر لا يهمه الحساب، وإنما ما يهمه هو اجتياز ليلة الأحلام في ارتكاب المعاصي والموبقات وتوديع سنة بالآثام واستقبال أخرى على نفس الأسلوب. أشجار الميلاد بواجهات المحلات واجهات المحلات عبر العديد من المقاطعات الراقية بالعاصمة على غرار الأبيار، بن عكنون، حيدرة، ساحة أودان ليست في منأى عن تلك الظواهر السلبية، بحيث عادة ما تصطف بواجهاتها أشجار أعياد الميلاد متبوعة بعبارة عام سعيد بالفرنسية أو الإنجليزية من دون أن ننسى (باباهم نوال) ذلك الشيخ ذو اللحية البيضاء الطويلة الذي يلبس هنداما أحمر ويرعب منظره الغيورين عل دينهم وتقشعر لرؤيته الأبدان، ونجده يملأ طاولات البيع والمحلات ويعجب البعض لمنظره ويقتنونه لأطفالهم لزرع بذرة التنصير فيهم منذ صغرهم وإتيان العادات الغربية المحضة، فتلك المظاهر السيئة تتكرر في مجتمعنا في كل سنة ويترأسها دعاة التنصير بطريقة غير مباشرة ويستقبلها من لا يملكون غيرة على ديانتهم، ويدّعون أنها مظاهر من باب جلب الفال الحسن لا غير والابتهاج بالسنة الجديدة إلا أنها أساليب تدور في فحواها حول تمجيد الدين النصراني سواء تعلق الأمر بجلب قرص الحلويات الذي يتخذ شكل شجرة المسيح ويعرض بالمخابز ويحقق مبيعات قياسية في تلك الليلة، أو بإظهار شجرة الميلاد على واجهة المحلات أو حتى بكتابة عبارة عام سعيد والتأثير على شعور الناس وتذكيرهم بالاحتفال بذلك العيد وصولا إلى أبسط المقتنيات على غرار حافظات المفاتيح التي يعلق بها ذلك الشيخ العجوز ذو اللحية الطويلة الذي يصنع الحدث في كل مكان قبيل انتهاء السنة الميلادية ويشغل اهتمام البعض. مظاهر تصب كلها في وعاء التنصير يشتكي الكل من بعض الجماعات التي أخذت على عاتقها الدعوة إلى الديانة المسيحية واعتناق النصرانية ووصل الأمر يبعضها إلى البيع والشراء في ذمم الناس وإغوائهم بالأموال والعيش الرغيد الذي لم يجده الشخص حسبهم في الديانة الإسلامية، ويحارب الكل تلك المظاهر التي تهدد الدين الإسلامي، إلا أن الباب فتح واسعا لاستقبال مظاهر الاحتفال بانتهاء السنة الميلادية ليس فقط بقوالب الحلوى التي تتخذ شكل شجرة، وإنما تمادت الأمور إلى أخطر من ذلك بإقامة الأشجار في البيوت وبالمحلات واصطفاف الهدايا أسفلها، وحضور باباهم نوال في كل مكان، بحيث تتنوع الألوان بين الأبيض والأحمر على لون الشيخ الهرم ذو اللحية الطويلة الذي يرعب منظره أكثر مما يصر، بحيث أن عين المسلم لا يصرها إلا إمام يتفقه في علوم الدين وظهرت معالم النور على وجهه لا بلعبة ترمى هنا وهناك لشيخ هرم. وما يجلب الحيرة أكثر هو عدم اشتراكهم في أعيادنا بل يناهضونها ويمنعون الاحتفال بها في كل مكان على غرار تضييقهم الخناق على عمليات النحر بمناسبة عيد الأضحى المبارك على المسلمين بالبلدان الغربية، في حين يشاركهم بعض العرب والمسلمين في أعيادهم من دون تفكير، ويحسنون لمن يسيئون الظن بهم ويشككون في دينهم الإسلامي الحنيف. وحقيقة من العيب والعار حدوث تلك الأمور فالمثل يقول كما تدين تدان ومثلما يهينون العرب والمسلمين وجب أن نهينهم ولا نمنح أي قيمة لأعيادهم لكن وأسفاه فالتقليد الأعمى نخر أجساد العرب وجرف لنا سلبيات الغربيين من دون إيجابيات، وصار البعض يقلدونهم ويتبعونهم في كل شيء حتى ولو كانت بعض الجوانب تتعارض مع أعرافنا وديانتنا تحت وعاء أن كل ما يصدر من الغرب فهو إيجابي، ومن ساير عاداتهم فهو شخص متحضر ومتطور أما من خالفها فهو شخص متخلف ومن جيل قديم. بين التأييد والرفض القاطع نزلنا الشارع لرصد بعض الآراء حول مدى احتفاء الجزائريين بالسنة الميلادية، فهناك من تجاوب مع الاحتفال وهناك من رفضه رفضا قاطعا كونه لا يعنينا البتة وهو عيد نصراني يخص المسيحيين، ومع ظهور البوادر الأولى المشجعة على الاحتفال باصطفاف طاولات الشكولاطة وظهور الشيخ الهرم في كل مكان وحتى شجرات الميلاد... يترصد الكل قدوم تلك الليلة التي يعيشها البعض، ويستغرب البعض الآخر من مشاركة المسلمين للنصرانيين في أعيادهم كخطوة أولى لتمجيد النصرانية تتبعها خطوات أخرى أخطر قد تؤثر على العقول والنفوس الضعيفة مثلما هو جارٍ في بعض الولايات التي شاعت فيها الدعاوى إلى التنصير واللعب بعقول الشباب وانتهاز ظروفهم الاجتماعية لإجبارهم على استبدال أغلى ما يملكون وما فطروا عليه منذ أولى لحظات ولادتهم. وبرر البعض احتفالهم وعيشهم أجواء تلك الليلة من باب استعمالهم الدائم بالسنة الميلادية في الحياة اليومية وجلب الفال الحسن في السنة الجديدة وتوديع آخر يوم في السنة بأجواء بهيجة لاستقبال عام جديد على تلك الأجواء، في حين يقاطع البعض الآخر الاحتفالات كونها لا توافق المسلمين الظاهرة والواضحة أعيادهم، وهما عيد الفطر وعيد الأضحى والمناسبات الدينية الأخرى أما انتهاء السنة الميلادية فأجمعوا أنها مناسبة تبعد عنهم بعد السماء عن الأرض. جمعنا بعض آراء المواطنين، سهام عبرت بالقول (هو عيد لا يعنينا تماما إلا أن المؤثرات التي تحوم من حولنا جعلتنا نعيش أجواءه عن كره، فبالإضافة إلى شجرات الميلاد نجد قوالب الشكولاطة وعبارات عام سعيد تملأ واجهات المحلات مما يجعل البعض يتأثر وينغمس في الاحتفال من دون أن يشعر أو يشاء)، أما مواطنة أخرى فقالت إن حتى القنوات التلفزيونية ومنها حتى الجزائرية تروج لتلك الاحتفالات وتذيع التهاني في الأيام الأخيرة من السنة وكأننا في عيد إسلامي ما من شأنه أن يؤثر على البعض، وأضافت أنها شخصيا تناهض الاحتفال وحتى ولو دأبت على اقتناء الحلويات والمأكولات فإنها ستمتنع في تلك الليلة التي تمر كأي ليلة عادية مثلما أمرنا الله سبحانه وتعالى ونبيه الكريم على مخالفة اليهود والنصارى في عاداتهم.