بقلم: محمد صادق الحسيني تتسارع التطورات في المنطقة بشكل غير مسبوق. مؤشرات ملموسة كثيرة بدأت ترفع الغموض الذي كان يحيط بالعديد من الزوايا: تمارض بندر بن سلطان وتغييرات مرتقبة في المملكة تفيد بعودة (المقرنية) على حساب (البندرية) قد تبدأ بالتضحية ببندر بن سلطان على أعتاب جنيف ولا تنتهي بعودة الثنائي مقرن - عبد العزيز. وقد يكون التفاهم المتبادل على حكومة ائتلافية في لبنان ومفاجأة الحريري لحلفائه حتى وإن جاء على طريقة التكاذب المشترك المعروف تاريخيا عن هذا البلد أولى انعكاساته الإقليمية. وغطاء ودعم سعوديين للعملية العسكرية الجارية في غرب العراق يقال إن فالح الفياض مستشار الأمن القومي العراقي تبلغه من شخصية سعودية مخابراتية في عمان قد يكون سلمان بن سلطان الذي يقال إنه سيدخل التاريخ بسبب فشله المدوي في كل الخطوات التي اتخذها لهز عرين الأسد في سوريا والتي ارتدت جميعا على سمعة بلاده التاريخية. وإعادة تموضع تركي على عقبي الحزب الحاكم وأردوغان بشكل خاص بات معلنا من خلال مطالبة الرئيس عبد الله غول الماكينة الدبلوماسية لبلاده و(سوسلوفها) داوود أوغلو بإعادة النظر في سياسة حكومته حول سوريا. كل ذلك في ظل تزايد المؤشرات إلى خلافات خليجية خليجية، لعل البارز فيها هذه الأيام ذاك الذي يتنامى بين السعودية وبين الإمارات التي يبدو أنها تتجه إلى نوع من التقارب مع قطر في ظل صراع تخوضه مع تركيا خرج جزء منه للعلن على شكل تهديدات الصحافة التركية المقربة من الحزب الحاكم بنشر فضائح لضباط إماراتيين كبار. وإشارات أردنية لافتة من الرسالة الشفهية التي تلقاها الإيرانيون من عبد الله النسور حتى قبل زيارة ظريف للمملكة الأردنية الهاشمية: أن انتظرونا في طهران إلى مشاركة وزير أردني رفيع المستوى في مؤتمر الوحدة الإسلامية في العاصمة الإيرانية. حراك إقليمي تظلله التفاهمات الروسية الأمريكية، وتضبط إيقاعه وتيرة التفاهمات الإيرانية مع الولاياتالمتحدة، التي يبدو أنها تتقدم بسرعة على مستوى الملف النووي، بحسب التصريحات المعلنة للإيرانيين الذين باتوا نجم احتفالات التسويات الإقليمية والدولية والرقم الصعب في ثباتها أو انهيارها. حراك وتفاهمات تطال كل الساحات، من العراق إلى سورياولبنانوالأردن والخليج، وبالتأكيد مصر التي تعيش ولادة نظام سياسي جديد، نجحت في عبور أولى محطاته عبر إقرار الدستور باستفتاء شعبي واتجاه إلى قبول أمريكي له رغم كل التحفظات والخلافات السابقة، وكما يبدو فإن ساعة الحسم الأمريكية حيال السعودية التي حاولت الظهور بمظهر المتمرد، قد حانت أو كما يعتقد آخرون بأن ساعة تبادل الأدوار الذي حاول إيجاد تبدل ميداني على أرض الميدان السورية قد فشل وبانت افتضاحاته من خلال التطاحن الجاري بين الجماعات الإرهابية المسلحة والتي يستعد ما تبقى من قياداتها للهروب الكبير فيما ستهرس القواعد وتطحن على مذبح حفلة تكاذب جنيف 2 الدولية. عشية جنيف (السوري) وغداته وما بعده حكومات قد تتشكل وأخرى قد تسقط إكراما أو مواكبة للحاجة الأمريكية الروسية لهذا المؤتمر وتفاهماته من أنقرة إلى عمان إلى المنامة ويبقى عرين المنتصرين هو المعيار الذي يقاس به الرابحون والخاسرون. لذلك يمكن القول وبكل ثقة واطمئنان إنه وحده من راهن على سواعد المقاتلين في الجيش العربي السوري وحلفائه في سرايا جبهة المقاومة الإقليمية، وقال يوما (إننا نحن من يحدد سقف تفاهمات جنيفص من حقه أن يخرج على الفضائيات اليوم محتفلا ويقول: ها إنني ربحت كل المعارك وأصبحت بالفعل والحقيقة رجل العام 2014 بامتياز ليس فقط باعتباري طبيب العيون الأغلى في العالم، بل والحاكم الوحيد الذي لم تهز شباكه لا لعبة ثورات (الربيع العربي) ولا (ركلات جزاء) جنيف. نعم ثمة خطر لا يزال يتهدد الأمة من الباب العريض ألا وهو الباب الفلسطيني وهو الباب الذي لا تزال تدخل منه الرياح العاصفة دون (رداد) جدي. إذ يبدو واضحاً أن الولاياتالمتحدة تضغط جدياً باتجاه إنهاء القضية الفلسطينية أو تصفيتها في الواقع عبر تسوية من نوع ما، ترضي فيها إسرائيل في الأردن، مراهنة بالطبع على (مرونة إيرانية) تعتقد أنها قادرة على انتزاعها عنوة من الفريق الحاكم الجديد في طهران أو على الأقل غض طرف، معتقدة بأنه بإمكانها أن تستخدم سوريا والبحرين كورقتي ضغط عليه. وهنا بالذات تظهر القاهرة كلاعب إقليمي يمكن أن يصبح مهما وأساسيا وجوهريا وشريكا استراتيجيا لجبهة المقاومة للمشروع الأمريكي الصهيوني إذا ما تمكن من تجاوز فخ إسقاطه في لعبة تصفية القضية الفلسطينية على خلفية معركته الداخلية مع الإخوان والخارجية مع حماس. على الضفة الأخرى يبقى الامتحان الأصعب للثوار الفلسطينيين أنفسهم بفصائلهم المختلفة وبتياراتهم الشعبية، لاسيما حركة حماس إذا ما كان بإمكانهم أن يخرجوا وبسرعة فائقة وبقرار تاريخي شجاع من لعبة استخدامهم أحجار شطرنج في لعبة الأمم مرة وفي مربعات تبرير استمرار أنظمة الجور والطغيان العربية مرات ومرات، ويعلنوا قرارهم التاريخي بالانتماء لجمهور الشعب بكتلته الكبيرة التي لا تقبل أقل من عودة فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر بوحدة أرض ووحدة دولة ووحدة قيادة شعبية عريضة لا تقبل القسمة على اثنين مهما كلف الأمر، ومهما اشتدت سرعة العواصف الدولية أو تدافعت الميول والاتجاهات الحزبية العربية أو الإسلامية من حولها.