عندما تتلقى أمريكا الأمبريالية تهديدا من أي نظام فهذا يعني أن ذلك النظام يملك قراره كما يعني من جهة أخرى أنه يحس بما تمثله أمريكا من عجرفة وتهديد لمصالح الشعوب والأمم المتحررة فيثور لكرامة وشرف الشعوب التي طالما عانت الأمرين من التسلط الأمريكي والعدوان الأمريكي عن طريق دعمها لمحاور الشر والعدوان، وهذا بحد ذاته يمثل تطورا إيجابيا وموقفا ثوريا وبناء، ومن هنا جاءت التهديدات الكوبية والفنزويلية والناصرية والإيرانية لأمريكا لأن أمريكا ترفض أن ترى دولة متحررة تحافظ على سيادتها وحريتها واستقلالها وثروات بلادها ومن الطبيعي أننا في الوطن العربي طالما عانينا وما زلنا نعاني من الدعم الأمريكي اللامتناهي للعدوان الإسرائيلي على شعوبنا، فالعدوان ما زال قائما وبأسلحة وتخطيطات أمريكية وقد عرفنا أن أي ثورة حقيقية لابد وأنها تقف على النقيض من أمريكا ولا بد لها من أن تكون معادية لأمريكا بقدر عدائها لأنظمتها المتعفنة والسائرة في الفلك الأمريكي والشيخ البندر يهدد أمريكا هذه الأيام والأميون والبسطاء جدا والمهابيل فقط هم الذين ربما تخدعهم هذه التهديدات ويرون بسذاجة مفرطة ولحس وطني كامن في صدورهم بأن هذا التهديد ربما يكون لمصالح الشعوب المتحررة أو التي تسعى لحرياتها، ومن الأبجديات الثورية أن ثورة من هذا القبيل لابد وأنها تصطدم أول ما تصطدم بالجدار الأمريكي هذه هي أبجديات الثورة ولكن لماذا غضب البندر وهدد أمريكا بإعادة النظر في العلاقات معها ؟ نحن نوافقه من حيث المبدأ على هذا التهديد ونقف إلى جانبه إذا ما كان صادقا لأن الصدق يعني أول ما يعني الوقوف إلى جانب النظام السوري والجمهورية الإسلامية في إيران والمقاومة الفلسطينية حتى ولو لم تكن ثقافة البندر ترمي إلى ذلك ولكنها الحقيقة المرة التي ما بعدها تأويل وتعليل فأمريكا وحلفاؤها هم المتآمرون على المقاومة وحلفائها، وهي الداعم لإسرائيل وبلا حدود فهل ينطبق هذا التهديد على تلك المعطيات ؟ أنا أقول بأنها فعلا تنسجم مع هذه التطلعات فيما لو كانت صادقة أما البندر فلعل قصر باعه بالثقافة السياسية وضحالة معلوماته واقتصارها على العلم المخابراتي لا يعي هذه الحقيقة، ولكننا نتساءل وبدون فضول قائلين : إذا كانت الأزمة السورية التي يقف البندر مع عصاباته في مواجهة النظام المقاوم قد طرأت منذ سنتين وتخاذلت أمريكا في دعم ما يزعم البندر وأضرابه بأنها ثورة فإننا نتعجب كيف أن هذا البندر يرفع بنديرته ولأول مرة لحشر القضية الفلسطينية على أنها من أولويات تفجير غضبه على أمريكا ومجلس الأمن لأنهما فشلا في حلها وهو الغافل المتغافل والجاهل المتجاهل بأن هذه القضية عمرها سبعون سنة ولكنه اليوم استيقظ، ومع هذا فهل يوقف ضخ النفط عن أمريكا حتى ترضخ إسرائيل لمطلب حق العودة للفلسطينيين الذين مزقهم الشتات وقهرهم الظلم والقهر عبر هذه العقود المتطاولة ؟ عندئذ سوف نضحي بالنظام السوري من أجل القضية الفلسطينية غير أن البندر لغبائه يجهل بأن الجمهورية الإيرانية وسوريا والمقاومة تعرضوا للتآمر الأمريكي البندري بسبب الوقوف مع الشعب الفلسطيني وهذه حقيقة لا يمكن للبندر أن يجهلها لأنه واغل فيها ومعها ولكن على الطريقة الأمريكية، وبالتالي ليس باستطاعته الخروج على الإرادة الأمريكية، إذن فتهديداته أكثر من كرتونية فليسترح ويرح وما زلنا ننتظر ذلك الذي يهدد أمريكا بجد وبعزيمة لا تقهر وبمواقف ثابتة وهذا ما لا يمكن أن يتوفر عند بندر وأضرابه.