لاتزال بلدية أولاد عسكر التي تقع على بعد أكثر من (50) كلم عن عاصمة ولاية جيجل تعيش على وقع الصدمة الكبيرة التي خلفها حادث مقتل شاب وفتاة بقرية المنازل التابعة لذات البلدية على يد رجل دفاع ذاتي في الستين من عمره بعدما أطلق هذا الأخير النار على الضحيتين بكل برودة من رشاشه الخاص في أمسية ستظل محفورة الى الأبد في الذاكرة الجماعية لسكان أولاد عسكر خاصة وأن هذه الجريمة جاءت بعد نحو ثلاث سنوات من جريمة مماثلة شهدتها ذات البلدية والتي راح ضحيتها شاب وفتاة آخرين بعدما أجهز عليهما أبوهما “الباثريوث” في عز شهر رمضان و بنفس الطريقة لمجرد أنهما عارضا زواجه من امرأة أخرى .الرحلة إلى أولاد عسكر التي تنام في حضن سلسلة من الجبال المترامية الأطراف كانت ثقيلة أمس ثقل الجو الذي خيم على هذه المنطقة الثورية حيث لا تكاد تصادف شخصا من هذه المنطقة إلا ويحدثك عن جريمة السبت التي باتت على كل لسان ليس في أولاد عسكر فحسب وإنما بعاصمة الكورنيش جيجل بكاملها ، ورغم اختلاف الروايات التي سمعناها على ألسنة بعض من اتصلنا بهم من سكان أولاد عسكر وأعيانها وتحديدا بعض جيران الضحيتين وكذا القاتل إلا أن هذه الروايات التقت عند حقيقة واحدة وهي أن عملية القتل هذه لم تكن لها أية خلفيات متعلقة بالشرف كما ذهب إليه الكثيرون بعد انتشار خبر عملية القتل المقززة ، وأن “الباثريوث” الذي أجهز على زوجة ابنه وسائق سيارة “الفرود” الذي كان من المفروض أن ينقل هذه الأخيرة إلى بيت والدها إنما قام بذلك تحت تأثير الغضب والانفعال الزائد ليس أكثر ، وأكد من تحدثوا إلى “آخر ساعة” بأن الجاني وهو رجل غزى الشيب رأسه وتجاوز عقده السادس بقليل كان صبيحة الحادثة على خلاف حاد مع زوجة ابنه الذي يعمل بالعاصمة وهو الخلاف الذي تصاعدت حدته ماجعل الضحية تطلب من حماها نقلها الى بيت والدها لتفريغ شحنة الغضب التي كانت عليها وبالمرة تفادي أية تعقيدات قد تنجم عن هذا الخلاف غير أن الجاني أصر على بقائها ببيت الزوجية مؤكدا لها بأنه سيقتلها إن هي أصرت على قرار المغادرة ما دفع بهذه الأخيرة إلى مغادرة بيت زوجها عند الواحدة ظهرا مستنجدة بأحد جيرانها وهو شاب من مواليد (1979) حتى يوصلها إلى بيت والدها عبر سيارته الخاصة باعتباره يشتغل كسائق سيارة غير مرخصة “فرود” ، وهي اللحظة التي جن فيها جنون القاتل الذي لم يتوان في اللحاق بزوجة ابنه ذات “ال27” ربيعا وبيده رشاشه الخاص من نوع “كلاشينكوف” حيث أدركها وهي تستعد لركوب السيارة التي من المفروض أن تنقلها إلى بيت والدها ليمطرها بوابل من الرصاص قبل أن يجهز على “الفرود” الذي حاول الدفاع عنها والحيلولة دون وقوع الجريمة ليلقى نفس مصير سابقته بعدما تلقى بدوره رصاصتين في الصدر والرأس ، ومن هول الفاجعة فقد صعب على من عاشوا هذه الحادثة الاقتراب من مسرح الجريمة إلى أن غادر الجاني المكان متجها نحو إحدى الغابات المجاورة تاركا ضحيتاه تتخبطان في بحر من الدماء .هذا وعلمنا أمس بأن الجاني الذي هدد بقتل كل من يقترب منه قد فر فعلا إلى إحدى الغابات المجاورة مباشرة بعد ارتكابه لهذه المجزرة الرهيبة حيث ظل إلى حدود صبيحة أمس محل بحث من قبل قوات الدرك الوطني التي تنقلت من بلديتي الشحنة وبلهادف المجاورتين للبحث عنه على اعتبار أن بلدية أولاد عسكر لازالت تفتقر لفرقة للدرك الوطني في الوقت الذي لا تزال فيه جثتاالضحيتين بمصلحة حفظ الجثث بمستشفى الطاهير في انتظار إخضاعهما للتشريح الضروري في مثل هكذا جرائم .