تحول حلم الجامعة و تجربة الحياة المنفصلة عن الأسرة و الاستقلالية إلى كابوس لمئات المتحصلين الجدد على شهادة البكالوريا و المنتسبين لجامعة سكيكدة، و المستفيدين من خدماتها الجامعية. فبعد أسبوع لم يكمله أغلبهم بالإقامات الجامعية الموزعة بعاصمة الولاية عاد المقيمون الجدد ليتحدثوا عن الرعب و الفوضى و الحياة القاسية، ورغم أن الدراسة تأخرت عن موعدها و التحاقهم بعد العيد للتعويض ضروري لكن معظمهم فر بجلده بعد ثلاثة أو أربعة أيام و الأقل قدرة على التحمل أصبح يفضل التنقل يوميا للمعهد للدراسة و تجاوز عشرات الكيلومترات مع تعب التنقل و لا البقاء داخل الإقامة التي تنعدم فيها أبسط ضروريات الإقامة. وكانت معاناة المقيمين الأولى مع الماء حيث أن جل الإقامات جافة و لا توجد بها قطرة ماء واحدة، ما أوقعهم في حيرة بين الشرب و تنظيف الغرف و المراحيض، ليجبروا على شراء الماء المعدني للشرب من محلات الحدائق أو عاصمة الولاية و كلتاهما تتطلبات ركوب الحافلة، أما البقية فاستجابوا لأبواق شاحنات بيع المياه التي يجهل مصدر مائها المعروض للبيع بأسعار مبالغ فيها و تثقل ميزانية الطلبة سيما الجدد الذين استهلكوا مصاريف كثيرة في شراء الألبسة و لوازم الأناقة خلال أول التحاق بالجامعة الحلم، و استمرت الصدمة داخل المراحيض فلا ماء و لا نظافة و محتوياتها محطمة غلب عليها اللون الأصفر رمز القدم و الاهتراء و العفن، أما الغرف فلم تكن أحسن حالا حيث لاحظ الطلبة أن الجدران مثقوبة و مشققة رغم أن الإقامات الجامعية بسكيكدة جديدة و لم يمض على بنائها سنوات كثيرة و أرجع البعض السبب لطلبة التبادل الذين يأتون من جامعات أخرى ثم يعربون عن موهبتهم في النحت بنقش الجدران و الكتابة عليها و ترك رسومات و كلمات إباحية و حفر تذكر من يأتي بعدهم أنهم كانوا هناك، كما أنهم مارسوا هوايتهم في المصارعة مع الخزائن التي معظمها محطم دون أبواب، أما النوافذ فأصبحت تشكل خطرا على حياة الطلبة خاصة الإناث اللواتي يتعرضن للرشق بالحجارة عبر النوافذ التي اختفى الخشب منها و بقي الزجاج الذي لا يحميهم لا من البرد و لا من الحرارة و لا من حجارة الفضوليين و الشواذ و المرضى النفسانيين. آخر ساعة تحدثت مع عشرات الطلبة الملتحقين الجدد بجامعة سكيكدة و المقيمين بإقاماتها الجامعية و جميعهم أكدوا كارثية الوضع ، وطالبوا بتدخل عاجل يساهم في تخفيف معاناتهم خاصة قضية الماء، حيث لا يمكنهم أن يمارسوا حياتهم دونه فالنظافة منعدمة بالغرف و الأروقة و المراحيض ، و انعدام الماء سيجعل البقاء بالإقامة صعبا إن لم يكن مستحيلا، كما شددوا على ضرورة تدخل الجهات المعنية لاستبدال الخزائن و إصلاح النوافذ و الأبواب والخزائن المحطمة لضمان أبسط حقوق الطلبة الذين رسموا عالما ورديا للحياة داخل الإقامات الجامعية لتفاجؤوا بواقع أسود يجعلهم يحسبون ألف حساب لكيفية قضاء عام كامل داخل إقامات تفتقر لأبسط ضروريات الحياة الماء و النظافة. واقع الإقامات الجامعية بسكيكدة لا يختلف حتما عن باقي الإقامات الموزعة بالوطن، ما يجعل الوزارة المعنية مجبرة على اعتماد سياسة وزارة التربية بمنع استغلالها لإقامة أي نشاط بعدما اتضح جليا أن الطلبة الذين يتنقلون بين الجامعات صيفا و حتى الجامعات الصيفية تترك وراءها خرابا ينعكس سلبا على الطلبة الذين سيقضون فيها أربعة أعوام أو أكثر، كما أن الجهات المعنية مطالبة بإعادة الاعتبار لهياكلها من خلال المراقبة الدورية كل صيف للإقامات الجامعية و إعادة طلاء وترقيع من تحتاج لذلك و إصلاح الخزائن و الأبواب و النوافذ دون انتظار افتتاح الموسم الجامعي و مقابلة الطالب بوجه أسود يعبر عن سوء تسيير و تقدير، سيما أن جل الإقامات الجامعية تملك عمالا وظيفتهم إصلاح الأعطاب و معالجة النقائص التي يتعرض لها المقيم من ناحية محتويات غرفته. بسبب تأخر تسليم إقامتين جامعيتين عجز على مستوى الإيواء بجامعة سكيكدة ظهرت ملامح العجز على مستوى الإيواء بالإقامات الجامعية بسكيكدة، لتعجز الإقامات الجامعية عن استيعاب العدد الهائل من طلبات الإيواء التي استقبلتها و تحديدا بالنسبة للإناث اللواتي ارتفع عددهن خلال الدخول الجامعي الحالي ب 4505 طالبة جديدة مقابل 807 طالبات جديدة السنة الماضية أي بنسبة زيادة قدرت ب 82بالمئة. و يرجع السبب حسب مصادر إلى تأخر إنجاز الإقامتين الجامعيتين المتواجدتين بالمجمع الجامعي و اللتين تبلغ طاقة استيعابهما 4 ألاف سرير ، حيث كان من المفروض أن يتم تسليمهما خلال الدخول الحالي غير أن وتيرة الأشغال من قبل المقاولات المكلفة بالإنجاز حالت دون ذلك و كذا النسبة العالية للطلبة الموجهين لجامعة 20 أوت 1955 بسكيكدة و كذا المدرسة العليا للأساتذة بعزابة و التي تستقطب الطلبة من كافة أنحاء الوطن ناهيك عن توفر الجامعة على قطب امتياز في فرع البيتروكيمياء، الأمر الذي اضطر الجهة المعنية لاستغلال الإقامات الجامعية للبنات رقم 2 ، 3 ، 4 و التي تأوي الطالبات القديمات ، لتتجاوز بذلك هذه الإقامات الطاقة القصوى المحددة لها و لتصل لنسبة 200 بالمئة و ذلك بمعدل يصل حتى إلى أربع طالبات في الغرفة الواحدة و ذلك من اجل تأمين و ضمان الإيواء للطالبات.