❊ إرساء ثقافة الاكتفاء الذاتي بتشجيع الموارد والطاقات المحلية ❊ سرعة إنجاز المشاريع لكسب ثقة المواطن بالملموس أبانت تدشينات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، لمصانع تحلية مياه البحر مؤخرا بولايات من الوطن عن استراتيجية جديدة للدولة، التي تعمل على إرساء ثقافة "الاكتفاء الذاتي" في مختلف المجالات باعتبارها أهم التحديات التي يتضمنها البرنامج الرئاسي، ضمانا لاستقلالية القرار الاقتصادي للبلاد، خاصة في ظل المتغيرات الدولية الراهنة وضغوطاتها على بعض الدول التي وجدت نفسها رهينة الالتزامات الخارجية. يبدو أن نهج التشمير على السواعد والاعتماد على الذات الذي لطالما شدد عليه الرئيس تبون في كل مناسبة تتاح له منذ اعتلائه سدة الحكم قد أتى أكله، حيث اختار هذه المرة الوقوف بنفسه على المشاريع الكبرى التي يراهن على أن تكون بمثابة النماذج التي يمكن للجزائر أن تفتخر بها من حيث طبيعة وكيفية إنجازها، مع الأخذ بعين الاعتبار الآجال المحددة لها ومدى استجابتها لاحتياجات المواطنين. فقد أعطى رئيس الجمهورية لدى تدشينه لمحطات تحلية مياه البحر بوهران، تيبازة، الطارف وبومرداس العلامة الكاملة لهذه الإنجازات والتي تمت بسواعد جزائرية محضة، مقرا بانها قد اسست حقا لمدرسة جزائرية في تجسيد المشاريع الكبرى، ما يعكس تمرس الكفاءات الوطنية و قدرتها على رفع التحدي بامتياز. فبالنسبة للرئيس تبون، فإن الرهان لا يتعلق بحجم المشاريع وتوفر الموارد التي تزخر بها الجزائر الحبلى بالثروات الطبيعية، بل يكمن أيضا في قدرة أبنائها على رفع التحدي دون الاستعانة بالخارج، وكانت محطات تحلية مياه البحر أكبر برهان على صواب الرؤية الداعمة لتشجيع كل ما هو محلي حتى وإن تعلق الأمر بالمورد البشري. كما أن تشديد رئيس الجمهورية على تحقيق الاكتفاء الذاتي في مختلف القطاعات لا يمس الجانب المادي فحسب، بل يشمل أيضا الطاقات البشرية الكفأة التي أبلت البلاء الحسن في إعداد مشاريع تفتخر بها الجزائر، خاصة تلك التي لها علاقة بالامن المائي والغذائي، باعتبارهما الركيزة الاساسية التي تستند عليها اقتصاديات الدول. فضلا عن ذلك، فإن أكثر ما يميز هذه المشاريع هو سرعة الإنجاز وفي ظرف قياسي غير معهود، خلافا لمشاريع اخرى بقيت لسنوات حبيسة الإدراج، حيث شدد الرئيس تبون في العديد من المناسبات على ضرورة كسب ثقة المواطن بالملموس، ولا يفتأ خلال اجتماعات مجلس الوزراء في إعطاء آجال محددة لتطبيق قراراته ميدانيا مع ضمان المتابعة وإعادة تقييمها في الاجتماعات اللاحقة للوقوف عند مدى تجسيدها، خاصة تلك التي تتعلق بالاحتياجات الاجتماعية للمواطن باعتبارها أولوية الأولويات. فتحقيق الأمن المائي يحظى بالأهمية الكبيرة في برنامج رئيس الجمهورية، خاصة مع أزمة الجفاف والتغيرات المناخية التي تضرب مختلف مناطق العالم، حيث تبنى في هذا الصدد استراتيجية لإنجاز منشآت مائية مختلفة عبر ربوع البلاد، قصد معالجة إشكالية التزود بالماء نهائيا، علاوة على إعداد استراتيجية عمل 2024-2030، ترتكز أساسا على إعطاء الأولوية لحشد الموارد المائية المستدامة. وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تأمين تزويد المناطق الساحلية، بالإضافة إلى المناطق التي تقع على بعد 150 كلم عن محطات التحلية، حيث تتمركز كثافة سكانية تعادل 80 في المائة من إجمالي سكان البلاد، كما استفاد قطاع الري في هذا الصدد من برامج هامة سمحت بتحقيق عدة إنجازات، حيث أصبح يتمتع بشبكة وطنية للمياه الصالحة للشرب بطول يفوق 162.500 كم، ما مكن من الوصول إلى نسبة ربط تعادل 98 في المائة. كما تبنت الجزائر استراتيجية جديدة، لدعم محطات تحلية مياه البحر والتوجه نحو إنجاز خمسة مشاريع جديدة، في خطوة استباقية تعزز الرهان المستقبلي والرفع من وتيرة توفير المياه الصالحة للشرب، بهدف مواجهة التغيرات المناخية وتناقص معدلات التساقط، ما من شأنه جعل الجزائر تتصدر البلدان الإفريقية من حيث عدد محطات تحلية مياه البحر في أحدث حصيلة لها، تفيد برفع عدد محطات تحلية مياه البحر إلى 19 محطة بنهاية 2024، إذ جرى برسم البرنامج الأول إنجاز 11 محطة على الشريط الساحلي بقدرة إنتاجية تبلغ 2.11 مليون متر مكعب يوميا. و يراهن رئيس الجمهورية على ان تفتح هذه الانجازات النوعية الطريق امام مشاريع اخرى تطال كافة القطاعات ، ضمانا لنقلة نوعية تعزز الامن القومي للبلاد ، قناعة منه بان الماء بات من ابرز المواد التي تؤجج الخلافات بين دول العالم و كسب معركته يعني تعزيز السيادة الاقتصادية للبلاد.