جيجل /23 عائلة تعيش خلف الأشجار منذ 15 سنة مأساة أخفتها الأشجار ولا تعرفها إلا الشمس رغم أنها تقع عند مدخل مدينة جيجل ببضعة كيلومترات إلا أن واقعها يثير الشفقة بالنظر إلى بيوتها القديمة التي تعاني التشقق ويهددها الانهيار، حيث يتقاسم سكان هذه المنطقة معاناة سنوات طويلة من الانتظار والتطلع لترحيلهم إلى سكنات اجتماعية لائقة، حيث وصلت مدة انتظارهم خمس عشرة سنة، عاشوها في شبه مراكز للنفايات إذ من المستحيل – حسب السكان – أن يطلق أحدهم على مقابر الأحياء تلك اسم " السكن " حيث تسقط الأقنعة أمام الوضع المزري الذي تعيشه عشرات العائلات بمنطقة " البويغ " وتسقط معها الوعود الجوفاء، حيث يواجه المواطن بهذه المنطقة حياة قاسية جدا تطبعها العزلة، ويميزها الفقر والحرمان ولدى وصولنا إلى هذه المنطقة التي تبعد عن العاصمة بنحو 6 كلم، صادفنا مجموعة من المواطنين إقتربنا منهم لمعرفة أحوالهم، فكان الجواب سيلا جارفا من الهموم والانشغالات تدفقت دفعة واحدة، حيث حاول كل شخص أن يترجم معاناته، لكن ما شد انتباهنا هو صورة تلك السكنات المتصدعة الآيلة للسقوط المرسمة أمامنا، حيث أكد أحد قاطنيها أن هذا المشكل يطرح في جميع منازل القرية " فعند تساقط الأمطار " نصاب بالخوف والذعر بسبب اهتراء الجدران، ناهيك عن أسقفها التي هي كالغربال، فتحدث طوارئ ومتاعب يتقاسمها كل أفراد العائلة ". 23 عائلة تعيش منذ 15 سنة خلف الأشجار تعيش 23 عائلة في ظروف مزرية وسط شاليهات انتهت مدة صلاحيتها، بنيت سنة 1983 وكانت ملكا للشركة الفرنسية " بويغ " التي كلفت بإنشاء خط السكة الحديدية بولاية جيجل، ومن المفروض أن تزول هذه السكنات مع انتهاء هذا المشروع، غير أن ظروف الإرهاب في سنوات التسعينات جعلت تلك العائلات تنزح إلى المنطقة سنة 1994، والغريب في الأمر ان هذه المساكن لا تبعد سوى بأمتار عن القطب الجامعي " بتاسوست "، خلف أشجار الصرول، وبمحاذاة فندق الزمر على شاطئ البحر، وهو ما يعني أن المنطقة من المفروض أن تكون قطبا سياحيا بالولاية، أين تعيش هذه العائلات منذ 15 سنة في أكواخ أشبه بخم الدجاج، تحت رحمة تسرب مياه الأمطار من الأرضيات والأسقف التي جعلتها التصدعات كخارطة مشوهة، ولأن هذه الأكواخ غير مرئية كما قال السكان ولا يلاحظها أحد، فالسلطات لا تكترث بما يحدث لهم وترحيلهم من المنطقة يبقى مجرد وعود. مشكل البطالة أهم انشغال السكان لم يجد سكان منطقة البويغ سابقا آذانا صاغية لحل مشاكلهم التي امتدت إلى 15 سنة حيث ذكروا بأنهم راسلوا طيلة هذه المدة السلطات المحلية لتحسيسها بالمشاق التي يواجهونها جراء انعدام كل الشبكات الضرورية للحياة من الماء والكهرباء والصرف الصحي وكان لغياب قنوات تصريف مياه الأمطار خطرا على سلامة منازلهم بسبب تجمع كميات هامة من المياه منها، ما يهدد أساسياتها بعد امتصاص الأرض لها كما أن هذه العائلات قابعة تحت سقوف سكنات تتسرب المياه من سقوفها المغطاة بالصفيح، والتي يعود تاريخها إلى سنة 1983، ليلجأ قاطنوها إلى الترميم الذي لم يبعد خطر انهيارها عليهم وتزداد تخوفات الأسر كلها سقطت الأمطار التي حولت فضاءات الغرف إلى مسابح، حيث فضل الكثير من العائلات قضاء ليالي الأمطار عند أهلهم هروبا من الواقع المزري الذي تعيشه. لا ماء ولا كهرباء وفي دردشة لآخر ساعة مع أحد السكان بالمنطقة عبر هذا الأخير عن أمله أن تولي السلطات على أعلى مستوى الاهتمام بمنطقتهم ، وقد خص بالتحديد السكن الاجتماعي لهم، لأنهم ملوا من الوضعية الكارثية التي يعيشونها يوميا في ظل جملة الانشغالات التي تطرقنا إليها بتحرك المسؤولين لإيجاد حلول سريعة وتوفير ضروريات الحياة وإيجاد بدائل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أجل الحفاظ على كرامة المواطن. مفيدة درويش