يؤكد كتاب «سيميائيات النص الشفاهي في عمان» للباحثة عائشة بنت حمد الدرمكية أن الأدب الشعبي على قِدَم تاريخه الممتد عبر الإنسانية الجمعاء، تأخرنا في جمعه وتدوينه، إذ لم يُبدأ به إلا منذ ما يقرب من ثلاثة قرون.وقد جاء هذا الكتاب، الصادر عن مؤسسة عمان للصحافة والنشر والإعلان ملحقا بمجلة «نزوى»، في خمسة فصول، بعد التقديم الذي تحدثت فيه الدرمكية عن الفعل الشفاهي وإعادة إنتاجه وعن أهمية الأدب الشعبي، وقدرة الأشخاص أفراد المجتمع على إنتاج ما يشاؤون من نصوص ابتكارا وإبداعا في صور شتى، ويستطيع بعدها المجتمع أن يعيد هذا الإنتاج ويبدع فيه مرة أخرى وهكذا، لتنتج لدينا نصوص شعبية ذات انتشار واسع. ثم تحدثت في مدخل علمي عن «السيميائيات وعلاقتها بالنص الشفاهي» بوصفها منهجا اجتماعيا نشأ في أحضان المجتمع، وبالتالي يعتني بتلك العلامات التي ينتجها ويبدعها أفراده، وتلك العلاقات التي تنشأ في تحويل النص الشفاهي إلى كتابي، والتحديات التي يواجهها النص الشفاهي في انتقاله وتحوله إلى الشكل الكتابي. وبحثت الدرمكية في قضية «ترميزات العلامات الملبسية للفنون الشعبية في عمان»، إذ تشكل الملابس علامات لها دلالاتها الرمزية كونها شفرات تستوقف المتلقي، وتؤثر فيه ويقوم بتفكيكها والتوصل من خلالها إلى مجموعة من التأويلات، وهذا ما ذهب إليه رولان بارت عندما رأى أن للملابس إضافة إلى الجانب النفعي منظومةً إشارية، وأيضًا «لغة» تعني شيئًا ما سواء أكانت منفردة أم مركبة. وتحت عنوان «سيميائية الخطاب الأسطوري لفن النيروز في التراث الثقافي العماني»، تحاول الدرمكية تحليل وتفكيك الأسطورة بالمعنى الفكري من حيث المعتقد من ناحية، والوصف اللغوي والأداء البصري من ناحية أخرى. كما تدرس الباحثة «سيميائية الكون: حكاية الخسوف في التراث العماني أنموذجًا»، في مجال الرمز الذي يشكل الإنسان حوله حكايات قائمة على الخرافة، ذلك لأن هذا الرمز هو شيء غيبي السبب؛ ف«الرموز توجد كلما استعمل الإنسان شيئًا محل آخر لابتكار وإبداع ثنائي آخر ما بين الدال والمدلول». ويتطرق الكتاب إلى «الرمز في الحكاية الشعبية العمانية» حيث تحاول الباحثة الكشف عن رمزية «الذوات» في النص الحكائي، لتخلص أخيرا إلى مسألة «سيميائية التواصل اللمسي في الخطاب الحكائي». كما يُعنى الكتاب بدراسة نماذج من نصوص الأدب الشفاهي في عمان، انطلاقًا من قدرة تلك النصوص على البقاء، آخذة شكلا شفاهيا كالحكاية أو الفن أو السلوك المعتقدي.