من يستطيع أن يشكك في ولاء فاروق القدومي لفلسطين أو لحركة فتح ؟، ومن بوسعه إنكار مواقفه الجريئة منذ توقيع اتفاق إعلان المبادئ بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في حديقة البيت الأبيض الأمريكي سنة 1993 ؟. لا أحد بإمكانه أن يزايد على هذا الرجل الذي رفض أن يسير مع ياسر عرفات على طريق التسوية، ومع ذلك فإن موقفه الصريح من محمود عباس ومحمد دحلان يكلفه اليوم حملة مسعورة تشكك حتى في قدراته العقلية، ولعل شراسة الحملة تعود في الأساس إلى أن القدومي تجرأ وأظهر للصحافيين محضر اجتماع فلسطيني إسرائيلي أمريكي خطط لاغتيال ياسر عرفات، والمحضر كما نشر في الصحافة هو دليل خطير على ما وصل إليه عباس ودحلان، وإلى حد الآن ليس هناك ما يفيد بأن المحضر ملفق، ولم تنكره الجهات الإسرائيلية والأمريكية. هذه ليست المرة الأولى التي تتردد فيها تصريحات تؤكد أن مجموعة عباس ودحلان تآمرت على عرفات وشاركت في تصفيته، وقد كان الهدف الأول لشارون، وبدعم أمريكي، هو القضاء على عرفات وتسليم السلطة للفريق الآخر، وهذا ما حدث فعلا، والذي قامت به سلطة عباس وتقوم به لا حاجة إلى التذكير به. الذين يدافعون عن عباس ودحلان يدعون أنهم يدافعون عن حركة فتح، والأولى بالذين يدافعون عن فتح أن يخلصوها من هؤلاء المتآمرين الذين جعلوها مجرد درع لحماية المنتفعين والفاسدين وأعوان الاحتلال، وإذا كان عباس ودحلان لم يفرقوا بين كتائب شهداء الأقصى وكتائب القسام وسرايا القدس فإن هذا دليل آخر على أن السلطة تحولت، على أيدي هؤلاء، إلى سلاح في يد إسرائيل وأمريكا لتدمير المقاومة بشكل نهائي. المعلومات التي كشفها القدومي ليست متعلقة بجريمة اغتيال عرفات فقط، بل هي خلاصة للدور الذي يقوم به عباس ومعاونوه، واجتماع العار الذي جمع شارون وعباس ودحلان وممثل المخابرات الأمريكية رسم السياسة التي يجري تطبيقها منذ ذلك الحين وإلى اليوم، فالمؤامرة مستمرة ولم تتوقف باغتيال عرفات.