برر أمس محافظ بنك الجزائر، محمد لكصاسي، ظاهرة التضخم التي بلغت 7.29 بالمائة في جوان الماضي بكونها»ذات طابع داخلي بصفة أكثر ومرتبطة بالخلل المستمر في الأسواق الداخلية«، ودعا إلى مراجعة معمقة »في تكوين الأسعار على مختلف مستويات التعاملات التجارية«، كما شدد على ضرورة تعميق إصلاح القطاع المالي والسماح للأسر والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالوصول للقروض المصرفية. أوضح لكصاسي خلال عرضه أمس لتقرير البنك حول التطورات الاقتصادية والنقدية لسنة 2011 أمام نواب المجلس الشعبي الوطني، أن احتياطات الصرف الرسمية للجزائر بلغت بنهاية شهر جوان الماضي 186.32 مليار دولار مقابل 182.22 مليار دولار بنهاية 2011 مشيرا إلى أن التسيير الحذر لاحتياطات الصرف من طرف بنك الجزائر يضع المتابعة الصارمة وتسيير المخاطر في الواجهة أكثر فأكثر مع بلوغ مستوى مقبول من المردودية. وقدر الرصيد الإجمالي لميزان المدفوعات ب 10.32 مليار دولار خلال السداسي الأول من 2012 في حين انخفض إجمالي الدين الخارجي إلى 3.99 مليار دولار مقابل 4.4 مليار دولار في ديسمبر 2011، مشيرا إلى أنه من ناحية الوضعية المالية الخارجية الصافية تصنف الجزائر من بين أولى البلدان الناشئة. وجاءت هذه المؤشرات الايجابية بفضل بلوغ سعر البترول خلال السداسي الأول من السنة الحالية 113.37 دولار للبرميل مقابل 112.92 دولار للبرميل خلال نفس الفترة من السنة التي سبقتها مما سمح لصادرات المحروقات بأن تصل إلى 37.50 مليار دولار في السداسي الأول من 2012 بارتفاع بنسبة 4.05 مقارنة بالسداسي الأول من2011، بينما بقيت الصادرات خارج المحروقات في مستوى ضعيف ما يؤكد مرة أخرى ضعف تنوع الاقتصاد الوطني ويلفت النظر حول قدرته التنافسية الخارجية. وأشار لكصاسي في تقريره أن واردات السلع ارتفعت بنسبة 3.5 بالمائة في النصف الأول من 2012 إلى 23.90 مليار دولار مقابل 23.09 مليار دولار خلال نفس الفترة من 2011 مفسرا هذا النمو بالارتفاع المعتبر لواردات المواد الاستهلاكية غير الغذائية في حين عرفت واردات المواد الغذائية ومواد التجهيز الصناعية تراجعا قدره 11.9 بالمائة و16.7 بالمائة على التوالي. أما بالنسبة لسعر صرف الدينار مقابل اليورو خلال السداسي، فقد تحسن متوسطه بمعدل 0.43 بالمائة مقارنة بالفترة نفسها من 2011 في حين عرف متوسط سعر صرف الدينار مقابل الدولار الأمريكي تراجعا بنسبة 2.82 بالمائة، وكنتيجة لذلك يقول لكصاسي، عرف سعر الصرف الفعلي الاسمي للدينار ارتفاعا بنسبة 2.27 بالمائة خلال السداسي الأول من 2012، موضحا بأن الوضعية النقدية للسداسي الأول من 2012 تشير إلى تباطؤ معدل النمو النقدي خاصة خلال الثلاثي الثاني. وفيما يخص التضخم وبعد أن تراوح بين 3.5 بالمائة و3.9 بالمائة خلال السداسي الأول من 2011 بلغ مستوى قياسي عند 7.29 بالمائة في جوان 2012 وهو ما قد يعكس تواصل »ظاهرة التضخم« عقب الصدمة على الأسعار الداخلية لبعض المواد القاعدية في بداية 2011. وتعد ظاهرة التضخم خلال السداسي الأول من 2012 »ذات طابع داخلي بصفة أكثر ومرتبطة بالخلل المستمر للأسواق الداخلية لهذه السلع أين يعود تكوين الأسعار إلى الوضعية المهيمنة أو إلى المضاربة«، ولهذا فان إعادة النظر المعمقة في تكوين الأسعار على مختلف مستويات التعاملات التجارية أصبحت ضرورية لإرساء قواعد شفافة في هذا المجال. وحول سنة 2011، أكد لكصاسي أن القطاع المصرفي بالجزائر عرف »تحسنا متواصلا في ظرف يتميز بفائض في السيولة على مستوى السوق النقدية وادخارات مالية بالدينار متزايدة ما ساهم في تعزيز الاستقرار المالي للجزائر« موضحا أن إجمالي أصول قطاع المصارف بلغ نسبة 62.7 في المائة من الناتج الداخلي في حين بلغت نسبة الودائع خارج المحروقات 62.8 في المائة مقابل 61.4 في المائة في 2010، كما تعززت قروض المصارف و المؤسسات المالية للاقتصاد لتمثل نسبة 48 بالمائة من إجمالي الناتج الداخلي خارج المحروقات حيث ارتفعت القروض الموجهة للقطاع العمومي بنسبة 27.8 بالمائة في حين ارتفعت القروض المتعلقة بالقطاع الخاص ب 13.6 بالمائة. وشدد محافظ بنك الجزائر على ضرورة تعميق إصلاح القطاع المالي في الجزائر مع الأخذ بعين الاعتبار الإدماج المالي والسماح للأسر والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالوصول للقروض المصرفية خصوصا لغرض الاستثمار في السكن بالنسبة للأسر وكذا للخدمات المصرفية القاعدية، ومما ميز القطاع المصرفي في الجزائر خلال 2011 تحسن صلابة مستوى أمواله مقارنة بالمخاطر من خلال الالتزام بالتنظيم الاحترازي المتعلق بالتعرض وتغطية المخاطر المصرفية و مستوى المردودية حيث فاقت نسبة ملاءة المصارف في هذه السنة الحد المطلوب لتبلغ 23.72 بالمائة في سنة 2011 بواقع 21.96 بالمائة للمصارف العمومية و31.19 بالمائة للمصارف الخاصة.