. جدّد حزب جبهة التحرير الوطني مطالبته فرنسا بضرورة »الاعتراف الكامل« بجرائمها التي ارتكبتها طيلة فترة احتلالها للجزائر، واصفا ما اقترفه الاستعمار الفرنسي ب »المجازر الرهيبة«، واعتبر الخطوة التي أقدم عليها الرئيس فرانسوا هولاند بخصوص مجازر 17 أكتوبر 1961 مجرّد »خطوة محدودة في الزمان والمكان«، مشيدا في المقابل بما تم إنجازه من أهداف ثورة نوفمبر المجيدة والوفاء لتضحيات الشهداء وآمالهم وأحلامهم، أوضح حزب جبهة التحرير الوطني في بيان له بمناسبة إحياء الذكرى ال58 لثورة الفاتح من نوفمبر المجيدة، أنها هذه المناسبة »أعادت للجزائر سيادتها وللجزائريين حريتهم وكرامتهم، في أجواء مفعمة بالاعتزاز والاطمئنان بأن الجزائر ماضية في تحقيق المسار الذي مات من أجله الشهداء الأبرار، وهي في طريقها لإنجاز الأحلام التي ضحى في سبيلها الشعب الجزائري على مدى عقود من الزمن«. وأكد الأفلان أن إحياء هذه الذكرى يقترن هذه السنة باحتفالية خمسينية الاستقلال الذي كان نتيجة حتمية للتضحيات الجسام التي قدمها الشعب الجزائري، الذي لم يبخل بالنفس والنفيس من أجل أن تكلل نضالاته وكفاحاته الطويلة والمريرة بالانتصار على أعتى قوة استعمارية في العصر الحديث، وافتكاك الاستقلال واستعادة السيادة الوطنية المغتصبة، مضيفا بأن المناسبة المزدوجة »تشكل بلا شك فرصة سائحة للوقوف وقفة تقييم لما أنجز من أهداف أكبر ثورة تحررية في العالم المعاصر خلال نصف قرن من الاستقلال«. واعتبر الأفلان أن الإلمام بكل ما تحقق على طريق تجسيد أهداف الثورة »يُعد في واقع الحال ضربا من المحال، لا لشيء سوى لأن هناك الكثير من الجهد والبذل والعطاء قد قدم على مختلف«، مضيفا أنه »إذا كان من غير الممكن حصر ما تم إنجازه من أهداف ثورة نوفمبر المجيدة، فإنه في نفس الوقت من غير السهل حصر حجم التقصير المسجل لتحقيق ما كان يأمله ويحلم به أولئك الرجال البواسل«. وأشار الحزب العتيد في بيانه إلى أن الإصلاحات العميقة التي باشرها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة »تشمل، ليس فقط مؤسسات الدولة وهياكلها« وإنما »جل المنظومة التشريعية المنظمة للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتي يشكل تعديل الدستور أهم ركائزهم، تعد محطة بالغة الأهمية لمعالجة مكامن الخطأ« خاصة »الاستجابة لتطلعات الشعب وطموحاتهم في التكفل بمستقبله عبر الممارسة الديمقراطية، التي تعتبر الانتخابات الحرة والنزيهة الأداة الناجعة لتحقيق ذلك المبتغى«. وأكد أن الانتخابات المحلية تعد محطة جديدة على طريق تكريس تلك الإصلاحات وتعميقها، كونها تمكن من تسيير شؤونه العامة عبر مجالس يختارها بكل حرية، مثلما التزم الحزب بان يظل »المدافع الشرس عن سيادة الدولة الجزائرية وعن استقلالية قرارها السياسي، الاقتصادي والأمني«، وأيضا »في مواجهة محاولات الترويض والتدخل السافر من قبل القوى المهيمنة على العالم، والتي تريد إعادة صياغة دول المحيط بما يخدم أهدفها ومصالحها«، ليشدّد البيان على أن الحزب »هو الوريث الشرعي لجبهة التحرير الوطني التي كانت في أصل وفضل استعادة الدولة الجزائرية، وأنه يشعر بالمسؤولية الثقيلة والتاريخية في الحفاظ على رصيد ومخزون الذاكرة الجزائرية«. وأوضح البيان أن احتفال الجزائر بخمسينية الاستقلال وبالذكرى ال 58 لثورة نوفمبر المظفرة، صادف هذه المرة الاعتراف الرسمي الفرنسي بمجازر 17 أكتوبر 1961 ضد أفراد جاليتنا بالخارج، الذي توج بمصادقة مجلس الشيوخ الفرنسي على قانون يدين تلك الجريمة الشنعاء، مؤكدا أن هذا الاعتراف محدود في الزمان والمكان »لكن النضال المستميت للشعب الجزائري لن يتوقف عند هذا الحد، بل سيتواصل إلى غاية الاعتراف الكامل من قبل الدولة الفرنسية بالمجازر الرهيبة التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي ضد الشعب الجزائري طيلة 132 سنة من الاحتلال والاستيطان الجائر«. ودعا حزب جبهة التحرير الوطني المناضلات والمناضلين والشعب الجزائري إلى الوقوف صفا واحدا في مواجهة التهديدات التي تتربص ببلادنا، ويناشد كل القوى الحية الفاعلة في المجتمع إلى المساهمة النشطة في بناء الدولة الجزائرية من خلال الانخراط الكثيف والفعال في تعميق الإصلاحات الجذرية والشاملة، وبالمشاركة الواسعة في الحوار والنقاش، والإدلاء بأصواتهم في الانتخابات المحلية التي ستجري بعد أسابيع قليلة، حتى يعرف أصحاب النوايا الخبيثة أن الجزائر عصية بشعبها ومؤسساتها على مخططاتهم ونبوءاتهم.