تدخل الحملة الدعائية لانتخابات 29 نوفمبر الجاري، أسبوعها الثاني، وسط تساؤلات عن سر برودة المشهد الانتخابي وغياب روح المنافسة التي تكاد تقتصر في طابعها العام على حزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، وهو ما يطرح تخوفات من احتمال ضعف الإقبال على صناديق الاقتراع في ظل »تمادي« المواطن في تجاهل مجريات الحملة. على العكس تماما من المنافسة الشرسة التي طبعت سير العملية الانتخابية لتشريعيات العاشر من ماي الماضي، تسير الحملة الدعائية لانتخابات 29 نوفمبر في جو من البرودة السياسية، رغم تسجيل مشاركة قياسية وصلت 52 حزبا سياسيا وعشرات القوائم الحرة، فقد سجل الملاحظون خلو الحملة الدعائية للمحليات من روح المنافسة، وانعدام مظاهر الجدل السياسي حول القضايا السياسية والتنموية التي تهم المواطن وتشغل الساحة السياسية، فباستثناء حزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي اللذان يقومان بحملة كبيرة وجدية صارمة، تظهر باقي الأحزاب المشاركة في الانتخابات، مستسلمة للواقع، مكبلة بروح انهزامية، زادت من تعميق الهوة بين المواطن البسيط والناخبين. وبرأي المتتبعين لمجريات الحملة الانتخابية، فان هذا الفتور له ما يبرره، فأزيد من 30 حزبا سياسيا مشاركا لم يجهز قوائم إلا في اقل من 100 بلدية من أصل 1541 بلدية و48 مجلسا ولائيا تشملهم المنافسة، وهناك العديد من الأحزاب لم تشارك إلا بقائمتين أو ما ينيف عنهما بقليل. وهو ما جعل المنافسة في كثير من مناطق الجمهورية تقتصر على الأحزاب الكبيرة وبالتحديد حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي اللذين يدخلان المنافسة في جل بلديات الوطن ويقومان بحملة كبيرة تعكس رهانها على المحليات كموعد هام في مسيرتهما من جهة، وفي حياة المؤسسات من جهة أخرى، لما لها من علاقة بالأجندة السياسية القادمة. وفي مقدمتها انتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة نهابة شهر ديسمبر القادم، والتعديلات الدستورية المراقبة، وحسابات رئاسيات 2014 . في مقابل ذلك لم تتمكن الأحزاب الصغرى علاوة على عجزها عن إعداد قوائم في كل بلديات الوطن ولا حتى نصفها، من إعداد ملصقاتها الاشهارية إلى درجة أن كل اغلب اللوحات الاشهارية بقيت خالية من أي صور للمترشحين. لكن هذا ليس وحده ما يميز الحملة الدعائية الجارية، فاغلب الأحزاب لم تقدم بدائل عملية واقعية من شانها استقطاب الناخب وإثارة اهتمامه بالعملية الانتخابية، وتحسسيه بأهميتها في تغيير أحواله نحو الأفضل، فجل الخطابات لم تخل من أطروحات »طوباوية« لم يستسغها المواطن الذي يئن تحت وطأة المشكلات الاجتماعية المتراكمة، ناهيك على فقدان الصورة السيئة التي التصقت بالناخبين المحليين جراء تصرفات مشينة أحيانا وجعلت المواطن ينظر إليها بعين الريبة. ويخشى مراقبون أن تؤثر مجريات الحملة بشكلها الحالي على نسبة المشاركة في الاقتراع، رغم التفاؤل الذي أبداه وزير الداخلية دحو ولد قابلية الذي توقع نسبة تتراوح مابين 40 و45 بالمائة، وهي نسبة وصفها بالمعتبرة.