ما إن أشرفت الحملة الانتخابية لمحليات يوم غد على وضع أوزارها، حتى بدأ الحديث عن رئاسيات 2014 يتسلل إلى النقاش العام من خلال تسريبات حول اعتزام رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس دخول المنافسة، مقابل دعوة ملحة أطلقها النائب عن ولاية عنابة بهاء الدين طليبة باسم مجموعة من النواب تطالب الرئيس بوتفليقة بالترشح لعهدة رابعة..فهل كانت المحليات محطة لتحضير الرئاسيات؟. ظلت الانتخابات الرئاسية في الجزائر تأخذ حيزا كبيرا من اهتمام النخب السياسية والرأي العام الوطني وحتى بعض العواصمالغربية، ومرد ذلك أن السباق نحو قصر المرادية كثيرا ما يخلف جدلا واسعا في المجتمع حول القضايا المصيرية للأمة، لما لها من علاقة بصناعة السياسات المستقبلية للبلد برمته، ليس هذا فحسب فالرئاسيات في الجزائر ينتج عنها في غالب الأحيان تغيير في موازين القوى داخل منظومة الحكم وما يصحب ذلك من ارتدادات في عمق المجتمع. من هذا المنطلق يكمن تفسير الحديث عن الرئاسيات الذي يوصف من قبل بعض المراقبين بأنه سابق لأوانه، على اعتبار أن البلد أمام محطة أخرى لا تقل أهمية بعد المحليات وهي النقاش حول التعديلات الدستورية المرتقبة والتي تعلق عليها أمال كبيرة في إعادة هيكلة نظام الحكم وتحديد طبيعته وآلياته بما يتماشى مع التحولات الجارية في المجتمع والمحيطة بالجزائر إقليميا ودوليا. لكن هذا الرأي لا يلقى قبولا لدى البعض الآخر من المراقبين الذين يذهبون إلى القول أن المحليات والرهانات التي أحيطت بها تعتبر الأرضية الصلبة للانطلاق في التحضير الجدي للانتخابات الرئاسية المقررة مبدئيا في أفريل 2014، أي بعد أقل من 13 شهرا. فبالنسبة »للدعوات الملحة« التي أطلقها بعض النواب وفي مقدمتهم النائب عن ولاية عنابة، والذي أثار الجدل بخرجته، بهاء الدين طليبة لترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة رابعة، تشير إلى أن هناك تحركا من قبل بعض الفاعلين في المجتمع المدني نحو مناشدة الرئيس لاستكمال ما يسمونه برنامج الاستقرار والتنمية الذي انطلق منذ 1999 وأخرج الجزائر من عنق الزجاجة، ويعتبر هؤلاء أن هذا الطرح يشاطرهم فيه ملايين الجزائريين ممن ينشدون الاستقرار ويتطلعون إلى تنمية مستدامة وإصلاحات عميقة تجنب البلد مخاطر التدخل الأجنبي كما يحدث في العديد من الأقطار العربية والإفريقية، لكن هذه الدعوة وإن جاءت من قبل نشطاء ونواب بالبرلمان إلا أنها تحتاج إلى قرار من الرئيس نفسه على اعتبار أن مسألة ترشحه من عدمها تخصه لوحده. أما فيما يتعلق برئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس ومرشح رئاسيات 2004، فقد اتجه منذ أشهر عدة، أنصاره لتأسيس موقع إلكتروني وصفحة على موقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان عريض »بن فليس مرشحنا«، ويرصد الموقع كل نشاطات بن فليس وإن اقتصرت على حضور جنائز كبار المسؤولين، آخرها جنازة المرحوم الشاذلي بن جديد، فضلا على الترويج لمسيرته ومواقفه، ومن هنا فإن التسريبات التي نقلتها الزميلة »الخبر« عن مقربين منه تصب في تعزيز هذا الاتجاه، أي سعي مناصريه إلى الضغط عليه من أجل خوض منافسات رئاسيات 2014، خاصة وأن الرجل لم يتعاط مع العمل السياسي منذ هزيمته في رئاسيات 2004. وبغض النظر عن الأهمية التي تكتسيها الدعوتان سالفتي الذكر فإن المعطيات المتوفرة تؤشر على أن السياق نحو قصر المرادية قد ينطبق قريبا وقد تكون التعديلات الدستورية المرتقبة فرصة للفرسان و»الأرانب« لتسويق مواقفهم وأرائهم وحتى صورهم الرئاسية، وتقول ذات المعطيات أن رهانات 2014 ستخلق منافسة كبيرة بين مختلف الأطراف الفاعلة، وقد تؤدي إلى إعادة صياغة المشهد السياسي، على خلفية أن قائمة الطامحين في الترشح طويلة جدا.