منذ التغيير الوزاري الأخير الذي قارب الستة أشهر ووزارة الصحة بمختلف هياكلها ومؤسساتها الصحية في هدوء تام، والحوار مع الشركاء الاجتماعيين متواصل منذ أزيد من أربعة أشهر، ويبدو أن النقابة الوطنية المستقلة لعمال السلك شبه الطبي، والنقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية قد عدلتا عن خيار الحوار، بحيث قررت الأولى إضرابا وطنيا بداية من يوم الأحد المقبل، وقررت الثانية تجمعا احتجاجيا أمام مقر وزارة الصحة يوم 25 من نفس الشهر تميّز السداسي المنقضي بالهدوء التام، بحيث اختفت مظاهر التجمهر والاحتجاج والإضراب، ونفس الحالة عاشها قطاع التربية الوطنية، وقطاع التعليم العالي، ولكن يبدو أن بعض الشرائح العمالية لم تقنعها جلسات الحوار التي هي جارية مع وصاياتها، منذ أزيد من أربعة أشهر بالنسبة لمن هم محسوبون على قطاع الصحة، وأزيد من ذلك بكثير لمن هم محسوبون على قطاعي التربية الوطنية، والتعليم العالي، والإدارة، وفي سياق هذا التوجّه قررت النقابة الوطنية المستقلة لعمال السلك شبه الطبي، التي يرأسها غاشي الوناس الدخول في إضراب وطني متجدد، لمدة ثلاثة أيام كل أسبوع بداية من يوم 8 نوفمبر الجاري، وقررت النقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية تنظيم وقفة احتجاجية يوم 25 من نفس الشهر أمام مقر وزارة الصحة، بالإضافة إلى نقابة المجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي والتقني في خيارها الاحتجاجي الجديد، الذي أطلقت عليه اسم »الإضراب المتناوب« ، والذي لم تحدد ملامحه بدقة، وتركت حرية الخيار للأساتذة والمكاتب النقابية الولائية، وحتى النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، التي هي في حوار متواصل مع وزير الصحة، فإنها ستجتمع نهار غد الخميس بالعاصمة، من أجل تقييم وتدارس المردود المطلبي، الذي تحصلت عليه النقابة عبر الحوار الجاري مع الوزارة منذ بدايته حتى الآن. ومن خلال ما هو جار على أرض الواقع، يبدو أن وزارة التعليم العالي هي الوزارة الأوفر حظا على صعيد الهدوء والاستقرار الذي تعيشه، والفضل في ذلك يعود إلى الزيادات الأخيرة التي قررتها الحكومة في أجور الأساتذة الجامعيين، وهي زيادات اعتبرتها نقابتا المجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم العالي )كناس(، والاتحاد العام للعمال الجزائريين مكسبا كبيرا، ومن شأنها أن تعطي الضمانات الكافية لتعميم حالة الهدوء والاستقرار، على جميع مؤسسات التعليم العالي. لكن بالمقابل يعتقد بعض المتتبعين للشأن النقابي أن هذه الزيادات بقدر ما هي نافعة لوزارة التعليم العالي، وعامل إيجابي في إيجاد حالة استقرار كامل، بقدر ما هي عامل محفز لعمال الصحة على خلق عدم الاستقرار في قطاعات أخرى، وعلى وجه الخصوص قطاع الصحة، ولاسيما منهم الأطباء والأخصائيين، والصيادلة، وجراحي الأسنان، وشريحة السلك شبه الطبي، التي مازالت حتى الآن تطالب بتحقيق أرضية المطالب التي رفعتها يوم 7 جوان 2009، ويمكن تلخيصها في إصدار القانون الخاص بالسلك شبه الطبّي، إصدار نظام تعويضي للمنح والعلاوات، خاص بهذا السلك، التمييز في المنح والعلاوات بين مختلف عمال القطاع، إعادة إدماج العمال المتعاقدين، فتح أبواب الحوار بما يكفل تلبية المطالب ، وحلّ المشاكل المطروحة، وكذا إصدار القوانين الأساسية، الخاصة بالمؤسسات العمومية الاستشفائية، والمؤسسات العمومية للصحة الجوارية، التي تُمكّنُ من إنشاء اللجان متساوية الأعضاء، وإنهاء الكثير من المعضلات.