إلى جانب معرض "بريق افريقيا" للصور الفوتوغرافية الذي يرسم الحياة اليومية للأفارقة يتواصل معرض الفنان التشكيلي الجزائري الكبير شكري مسلي بالمتحف الجزائري للفنون المعاصرة بعنوان "مسلي الإفريقي " ويضم 60 لوحة بمختلف الأحجام والأشكال إلى غاية سبتمبر القادم . المعرض الذي إفتتحته وزيرة الثقافة خليدة تومي يوم 7 جويلية المنصرم والمندرج ضمن برنامج المهرجان الإفريقي الثاني الذي شهدته الجزائر من 5 جويلية إلى 20 جويلية حيث وفي زيارة مفاجئة للمعرضين إلتقينا بجمهور متنوع منهم من سمع بالمعرض عن طريق وسائل الإعلام والمحطات التلفزيونية أو ممن يتابعون الحركة الفنية في الجزائر ويزداد عدد الوافدين لإكتشاف الكنوز الفنية للفنان شكري مسلي والصور الفوتوغرافية الرائعة حسب المنضمين نهاية الأسبوع كما يجذب المعرض الزوار من الأجانب الذين يزورون الجزائر والمغتربين الذين يقفون بذهول أمام إحترافية الفنان مسلي ونخبة المصورين الأفارقة الذين نقلوا بعدساتهم يوميات الإنسان الإلإريقي وجزء من همومه وأحلامه يقدم معرض "مسلي الإفريقي" بانوراما من اللوحات تتوزع ما بين الفن التجريدي و النصف تصويري تؤرخ لفترات متعددة من تاريخ الجزائر مرورا بالثورة التحريرية التي خلدها الفنان مسلي من خلال عدد من اللوحات كالتي حملت عنوان "قصف ساقية سيدي يوسف" المنجزة سنة 1959 و "الجزائر الملتهبة". كما تمنح للزائر فرصة الاستمتاع بالجمالية المنبعثة من اللوحات لفترة ما بعد الاستقلال تميزت باعتماد الفنان على الكثير من الألوان و الضوء على غرار "التصديرة" و "الحفلة" و "الصيف". و في أروقة هذا المعرض الذي غلبت عليه الألوان الإفريقية الساطعة أكد شكري مسلي انتماءاته للقارة السمراء من خلال التفاتة مميزة خص بها مختلف اتجاهات الفن الافريقي عموما و الجزائري خصوصا عبر مجموعة من اللوحات التي اختار لها عناوين ذات معاني ك"السلف الأزرق" "قيس وليلى" و قد عكس هذا المعرض أهم توجهات حركة أوشام الفنية (الوشم) التي تأسست في الجزائر سنة 1967 و التي كان أحد أعضائها حيث طالبت بأحداث القطيعة مع الموروث الكلاسيكي الأوروبي و إعادة ربط الأواصر بنسب الأسلاف. و قد كان هذا الارتباط جد واضح من خلال اعتماد الفنان على الرموز و دلالاتها. و كالعادة لم تغب المرأة عن لوحات مسلي بجمالها الذي يظهر من خلال رسوم هي أقرب للرموز منها إلى المواضيع حيث لجأ الفنان إلى إخفاء معالم الوجوه لتبقى المرأة رمزا للكثير من المعاني الإنسانية . التجول في معرض مسلي يفتح فيك شهية الولوج إلأى كل العوالم اللونية ففي كل زاوية حكاية وفي كل جدار قصة تعبر عن مرحلة من المسيرة الفنية وحتى الشخصية لمسلي المناضل بالفن، وبتقنيات مختلفة كالزيت على القماش والزيت على الورق والأكرليك، كما يستقطب من جهته معرض الصور الفوتوغرافية "بريق افريقيا" إنتباه زوار المعرض وهو ثمرة إبداع ستة مصورين فوتوغرافيين جزائريين و 24 من نظرائهم الأفارقة بعرض مئات الصور بالأسود و الأبيض و أخرى ملونة يستعرضون من خلالها الحياة اليومية للقارة السمراء في مختلف أشكالها. وباختيارهم لمواضيع ذات علاقة بمختلف مكونات التراث المادي و اللا-مادي لإفريقيا فمن خلال صور فوتوغرافية من الحجم الكبير أعطى المصور السينغالي سايدي باب وصفا دقيقا للحياة اليومية ببلاده مثلما تظهره "طلوع النهار بماتام" و "غسيل و حمام منتصف النهار" اللتان تعبران عن الحياة الصعبة و البسيطة و بدوره قدم جانغو آشيل الو من كوت ديفوار لمحة عن الحياة على ضفاف الأنهار من خلال لوحات فوتوغرافية اكتست لمسة من الشاعرية فيما عرض الفنان المدغشقري بييرو شان هونغ من جهته مجموعة من الصور المستلهمة من بيئته على غرار "يوم من حياة مدغشقر" و التي يروي من خلالها التفاصيل اليومية للحياة في هذا البلد الإفريقي. أما الفنان الجزائري الهادي حمدي كان فقد أنجز بدوره مجموعة من الصور الفوتوغرافية التي ميزتها ألوان تميل إلى درجات البني الممزوج بالماء حملت عنوان "سيكاتريس دو مانديلا" أو "ندوب مانديلا" و التي يروي من خلالها أهم محطات حياة المناضل الجنوب- إفريقي نيلسون مانديلا منذ ولادته و الى غاية تحريره من قبضة نظام الأبارتيد. و في تلخيصه للفلسفة الفنية التي ينطوي عليها هذا المعرض يقول محافظ المعرض الفنان نور الدين فروخي أن "الفنان الافريقي و بالتزامه بتكريس الذاكرة الجماعية يكون بذلك الشاهد على المرحلة التي يعاصرها من خلال ومضات آلته التصويرية التي تختزن و تخلد اللحظة الزمنية"