أكد المدير العام للأمن الوطني، اللواء عبد الغني هامل، خلال المؤتمر الثاني للمدراء العامون للشرطة والأمن للدول الشريكة في مشروع »أوروماد شرطة III«، الذي انعقد مؤخرا بالعاصمة الفرنسية باريس، أن التحديات المشتركة بين دول البحر الأبيض المتوسط، تتطلب مبادرات أكثر للتكفل بالانشغالات المشروعة للمواطنين في مجال السلم والأمن، مشددا على تظافر جهود مسؤولي مصالح الأمن، ليس فقط في الوقاية ومكافحة الجريمة، ولكن أيضا البعد الانساني، الذي يمنح الشرعية بدعم من المواطنين. اعتبر اللواء عبد الغني هامل، مشاركة الجزائر في الدورة الثانية لمؤتمر المدراء العامون لمصالح الشرطة والأمن للدول الشركاء في الجوار الجنوبي والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، التي انعقدت بباريس يومي 10 و11 أفريل من الشهر الجاري، لمناقشة موضوع ?»التكوين، عامل محول لمصالح الأمن الداخلي«، المشاركة الجزائرية تعكس القناعة والالتزام بإرساء تعاون شرطي دولي مبني على تقاسم التجارب والخبرات، اكتساب أحسن الطرق وابتكار حلول لممارسة الأعمال الشرطية. وأوضح اللواء هامل أن النتائج المحققة في إطار مشروع الشراكة لدول الاتحاد الأوروبي، وتلك المطلة على جنوب البحر الأبيض المتوسط ،»أوروماد شرطة III«، تعكس ليس فقط درجة التزام مختلف الأطراف ولكن أيضا المستوى العالي من الوعي والاهتمام الجماعي، لمواجهة التحديات الأمنية المطروحة بحدة في الفضاء الجغرافي المشترك. واستعرض المدير العام للأمن الوطني المنظومة التكوينية بسلك الشرطة الجزائرية ومختلف الإنجازات التي تم تحقيقها، حيث أكد في هذا الإطار أن المديرية العامة وضعت التكوين الشرطي كأولوية في استراتيجياتها الإنمائية لتطوير وتحديث خدماتها، وذلك بجعلها في قلب عملية تطوير الموارد البشرية، مشيرا إلى أن الخطوات المنجزة كرست في النصوص الأساسية للشرطة مكانة التكوين خلال المسار المهني للشرطي، حيث أصبح التكوين ينظم بصفة دائمة وإلزامية لفائدة جميع موظفي الشرطة، بهدف ضمان استكمال معارفهم وتحسين مهاراتهم وتحضيرهم لمهامهم الجديدة وفق تدرجهم المهني، موضحا أن التكوين يسعى للاستجابة للتحسين المستمر للمؤسسة بنفس مستوى تقدم عناصر الشرطة، حيث تم إعادة التفكير في نظام التكوين للشرطة الجزائرية، على ضوء المستجدات المختلفة التي عرفها المجتمع الجزائري وتلك التغيرات الإقليمية والدولية، فضلاعن تطور وتفاقم مختلف أنواع الجرائم والتحديات الأمنية الحالية والمستقبلية. تطوير مستوى الاحتراف والتحكم في التقنيات الشرطية وفي شرحه لنظام التكوين الجزائري، قال اللواء هامل أن هذا الأخير يرتكزعلى الاحترافية والتخصص الشرطي وكذا تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، مؤكدا في ذات السياق أن التوافق بين التكوينين المستمر والقاعدي، يشكل إحدى أولويات جهاز التكوين الإدارة الشرطية باعتباره تطلع دائم، من شأنه أن يعزز التمهين، خلال كل فترة الخدمة المهنية للشرطي والذي يتجلى في مسايرة برامج التكوين الابتدائي والمستمر مع المتطلبات الجديدة للميدان، تحسين محتويات برامج ومناهج التكوين، حيازة مهارات تسمح بمنح الاعتبار لمهنة المكون، المكون المختص في مختلف مجالات الأمن وكذا تحسين فعالية المصالح في مجال التكفل بالظواهر المتصلة بالتكنولوجيا الحديثة وعولمة التبادل. وأوضح اللواء هامل أن هذه المستجدات نجم عنها ظهور مهام جديدة تنطوي على المؤهلات والخبرات والطرق المناسبة للتدخل، » لتحقيق هذه المهام، يجب على الشرطي أن يكتسب مهارات جديدة وحتى يكون فعالا، لابد من توفره على مهارات فائقة« مما يستلزم تطوير مستوى الاحتراف والتحكم في التقنيات الشرطية الجديدة، التي فرضتها العولمة عن طريق الوسائل البيداغوجية واللجوء إلى التكنولوجيا الحديثة للإعلام والاتصال، لتمكين عناصر الشرطة من رفع مستوى الأداء- يضيف-، مشيرا إلى أن العمل التكويني يشمل المنتسبين الجدد في صفوف الأمن الوطني من أجل تحضيرهم في المجال المعرفي العملياتي، الذي يسمح لهم بالتطبيق السريع للمعارف المكتسبة والتحكم في التقنيات الشرطية بهدف تطبيقها بشكل صحيح على أرض الواقع، حيث تمتد مدة التكوين إلى 24 شهر، بحجم ساعي قدره 2485 ساعة، جزء كبير منه مخصص للغات الأجنبية، كما أنها ترتكز أساسا على ستة مراحل نظرية مدعمة بفترتي تربص تطبيقي مدة كل واحدة منها 4 أسابيع، للإطلاع على سير مختلف المصالح النشطة. وفي سياق شرحه لمنظومة التكوين بالسلك، أشارالمديرالعام للأمن الوطني، إلى أنه من أجل التحسين النوعي للأداء في السنة الأولى، يتلقى المتربصون خلال 44 أسبوع تكوين شبه عسكري وبالموازاة يستفيدون من دروس أساسية تتضمن مواد قانونية وأخلاقيات المهنة ذات صلة بمهنة الشرطي، هذه الفترة الأولية مقترنة بتربص تطبيقي لضمان أكثر تقنية وأفضل أعمال لمنتوج التكوين، مضيفا أن السنة الثانية مخصصة من جهتها حصريا للتكوين المهني الذي يمتد غلى 52 أسبوع، منها 4 أسابيع تربص تطبيقي وأربعة أخرى لتحضير مراسيم تخرج الدفعة. وفي ما يتعلق بعناصر الشرطة الأكثر أقدمية والعاملين في الميدان، ذكّر اللواء بوجود رسكلة تأهيلية، تغطي ميادين جديدة للتدخل تتيح إمكانية تحسين وإعادة تأهيل وضبط مواقف عناصر الشرطة، بالنسبة للوضعيات، الحالات والتحديات الجديدة. وحول هذه النقطة يقول اللواء» حرصنا في سياستنا التكوينية على تمرين رجالنا لكي يكونوا أقرب إلى اهتمامات المواطنين وأكثر استجابة لاحتياجاتهم، عن طريق التنفيذ العالي لشرطة جوارية قائمة على الثقة الموضوعة في مصالح الشرطة والتنسيق فيما بين القطاعات، من خلال شراكة موسعة مع المجتمع المدني«، مؤكدا في هذا السياق أن انتشار هياكل الشرطة الجوارية والتواجد الدائم لمستخدميها، قد عزز أكثر التقارب بين الشرطة والمواطن وسمح بالتكفل الأمثل بالفئات الأكثر عرضة )القصرفي خطر معنوي، النساء في خطر ومدمني المخدرات..(. إعادة النظر في منظومة التكوين لمواكبة التحديات الأمنية الجديدة وتطرق ذات المسؤول إلى مراجعة المناهج وتمديد مدة التكوين للمنخرطين الجدد إلى سنتين، والتي قال أنها سمحت بتخصيص جزء هام للتعليم والتوعية حول مبادئ سيادة القانون وأخلاقيات مهنة الشرطة واحترام الحقوق والحريات الأساسية، موضحا أن مختلف المواد المقدمة في هذا الإطار، تهدف إلى تحضير الشرطي لأخذه دائما بعين الاعتبار احتياجات أمن الدولة والمجتمع، من خلال تحليه بالانضباط والصرامة والتفاني والنزاهة في مواجهة كل المواقف، مشددا على أن الشرطي المتواجد على اتصال دائم مع المواطنين ?يجب عليه أن يتصرف بطريقة أكثر انسانية وليس بطريقة آلية، مضيفا أنه ليس من السهل بما كان الحرص من جهة على احترام القوانين وتلبية متطلبات واحتياجات المؤسسة وكذا المواطنين. وفي نفس الإطار، كشف اللواء عبد الغني هامل، عن تسجيل تطورلا يستهان به في مصالح الشرطة العلمية والتقنية الجزائرية، من خلال عصرنة الهياكل واقتناء تجهيزات وأنظمة تكنلوجية جد متطورة في ميدان الأدلة الجنائية لتدعيم تحريات الشرطة القضائية وضمان قرينة البراءة المنصوص عليها في القوانين الأساسية، مشير إلى أن الجهود المبذولة من قبل الأمن الوطني الجزائري ارتكزت على النظر في النظام التكويني، الذي يجب أن يتماشى مع التحديات الأمنية الجديدة ومتطلبات المواطنين، مع إعطاء أهمية بالغة للمكونين وتكريس مكانتهم بدرجة أعلى على مستوى الهرم الشرطي، وهو ما أدى إلى مراجعة جدية لمعايير اختيارهم وتصنيفهم » نفس الشيء فيما يخص شروط الانتقاء الخارجي للعنصر البشري التي تمت مراجعتها في منحى تشبيب المستخدمين، باعتماد الشفافية لانتقاء أحسن المرشحين من ضمن الشباب والشابات الجزائريين ومن مختلف الفئات الإجتماعية«. بالموازاة ?يضيف ذات المتحدث- أدرجت العديد من المبادرات التحفيزية تجاه الشرطي، ترجمت بمزايا في مجال الخدمات الاجتماعية والطبية التي تضمن رفاهيته وازدهاره مثل حيازة المساكن، الإقامة بمراكز الراحة والمحطات المعالجة بالمياه المعدنية، مجانية الوجبات للمستخدمين الخاضعين لنظام الثكنات وتخفيض تسعيرة النقل. تعزيز سياسة الاتصال الخارجي قصد تكريس العمل الجواري نقطة أخرى، تناولها بالشرح المدير العام للأمن الوطن، تتعلق بالاتصال، حيث أكد في هذا الإطار أن» نظرة مواطنة الشرطة الجزائرية توجهت نحو المحيط الخارجي، من خلال سياسة اتصال كعامل ضروري في مجال العمليات الجوارية« موضحا أن هذه السياسة المتبعة منذ جويلية ,2010 قد توجت بتحقيق نتائج مشجعة، مدعمة بوضع ميكانيزمات تهدف إلى دفع المواطن إلى التجاوب والمشاركة الفعلية مع مصالح الشرطة في مجال النظام العام، مبينا مختلف المبادرات التي جاءت في هذا الشأن والتي تتمثل فياستحداث صفحة واب تمنح للمواطن فرصة للتعبيرعن انشغالاته وتطلعاته وتسمح للمديرية العامة للأمن الوطني بالرد على هذه الملاحظات، دخول مستعملي الانترنيت تحت طابع مصدر مجهول إلى فقرات معنونة » رأيكم يهمنا «، »نداء إلى الشاهد« أو » رسائل اخبارية« من أجل رفع مشاكلهم، مما شجع العديد من المواطنين على التسجيل بموقع الشرطة الجزائرية واستقبال الردود في شكل رسائل شخصية وهو الإجراء الذي بفضله تم حل العديد من القضايا يقول اللواء، مؤكدا أن هذا الواقع الإيجابي، شجع على دفع مشروع صفة خاصة بالأمن الوطني على شبكات التواصل الإجتماعي »الفايس بوك« و»تويتر«. كما تطرق في نفس السياق إلى الرقم الأخضر، الذي قال أنه في نظر المواطنين أحد أهم وسائل الاتصال، مما سمح كذلك بحل العديد من القضايا الجنائية، وكذا النشر في إطار حملات الاتصال والتحسيس، عبر نظام الرسائل القصيرة، من خلال متعاملي الهاتف النقال الناشطين في الوطن، التنظيم الدوري للملتقيات بهدف تدعيم السياسة الجوارية وتوثيق التعاون مع المجتمع المدني، لا سيما في مجال مكافحة الآفات الإجتماعية، بالإضافة إلى تنظيم أيام إعلامية عبر كافة الولايات أو بمناسبة مختلف التظاهرات ذات البعد الوطني أو الدولي بجناح الأمن الوطني الكائن بقصر المعارض. وقال اللواء عبد الغني هامل، أن الأمن الوطني الجزائري » يتمنى أن يقف على تطور أكثر في الحوار والتشاور بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط والذي لن يعود إلا بالفائدة على مواطنينا ومؤسساتنا الشرطية« مؤكدا في هذا الإطار أن النتائج التي تمخضت عن أشغال الخبراء » ستدعم دون شك الأعمال المستقبلية للتدخل المناسب في مجابهة المشاكل الأمنية التي تواجهنا والتي لأجلها يكون التكوين ليس فقط الحل وإنما وسيلة الارتقاء بمستوى الأداء والخدمة«.