إستمتع جمهور قاعة مصطفى كاتب بالمسرح الوطني الجزائري محي الدين باشطارزي وفي إطار منافسة الدورة الثامنة للمهرجان الوطني للمسرح المحترف سهرة أول أمس بمسرحية « الصوت « و المسرحية من إخراج و سينوغرافيا الفنان علي جبارة، الذي تقمص بجدارة شخصية المجنون المصاب بهلوسة بسبب معاناته جراء تعذيب الجيش الفرنسي الوحشي له في السجون وقتل زوجته الحامل ومن خلال صوت الراوي وملامح البطل أحمد المرعوش، نلج إلى مرحلة عصيبة من المرارة النفسية المترتبة عن التعذيب والفظاعة. مسرحية « الصوت « من تأليف خالد بوعلي و أداء كل من على جبارة و كمال زرارة، رمزي قجة، نوال مسعودي، عائشة مسعودي، فؤاد لبوخ، محمد بوعافية و عصام تاعشبت و نادية لكحل وتتوقف عبر لوحاتها وعبر تقنية الفلاش باك واسترجاع لحظة الإعتقال واغتيال الزوجة حيزية عند يوميات أحمد المرعوش، الذي ذهب ضحية عدم حسم موقفه من الثورة ووقوفه على الحياد لأنه لم يكن يعلم حتى أن أخاه المهاجر على علاقة بالثورة، كان يتاجر و يعود مساءا إلى بيته إلى أن اقتحم جنود الاحتلال بيته ذات ليلة مشؤومة و قتلوا زوجته أمام عينيه، وهي حامل وتم سجنه وذاق ويلات العذاب، اقتلع الجنود أصابع يده ورجله و أذاقوه شتى أنواع العذاب حتى فقد توازنه النفسي و صار مرهق لا ينام لأن الأشباح و الكوابيس تطارده، وبقيت الأم تعيش مأساة إبنها المتهم المشوش بإخفاء وثائق مهمة عن الثورة إلى أن فارق الحياة و هو مشبع بصوت «حيزية» . المسرحية جاءت في شكل مشاهد سينمائية من خلال فلاش باك الأحداث، التي تتكرر في ذهنه وتمنعه من النوم ،و قد ساعدت السينوغرافيا في مد خيط الحكاية ونسج الأحداث، وكان أنين الناي والقصبة الشاوية خلفية لذاكرة أحمد المرعوش المعذبة، « الصوت» ليست فقط ذاكرة أحمد المرعوش، لكنها ذاكرة الشعب الجزائري الجريحة طيلة سنوات الاستعمار، ولم تكن معاناة العجوز غير معاناة ومأساة كل الأمهات الجزائريات اللواتي فقدن الأزواج والأبناء والأقارب في سبيل تحرير الوطن.