انتهى الدرس يا غبي، عنوان مسرحية مصرية فكاهية، أو ذهب الحلم أو زال الكابوس.. لكن، هل أسدل الستار أم فتح، ذلك سؤال ستجيب عنه الأيام القادمة والتطورات التي ستأخذها الأحداث في مصر بعد إزاحة مرسي وجماعة الإخوان المسلمين من قيادة أمة عريقة قد تنام نواطيرها وتغفل لحظة ما لكنها تستفيق دوما.. خلال عام من حكم مرسي، تحت عمامة المرشد، اكتشف الناس، والمصريون أساسا مدى ضحالة وسخافة فكر جماعة الإخوان المسلمين، جماعة تعتبر نفسها الحقيقة المطلقة والباقي من الناس عامة ومن الشعب المصري بمختلف فآته وتوجهاته مجرد أهل ''الذمة'' مثلهم مثل الأقباط أولئك الذين كانوا دوما متجذرين في أرض الكنانة وكنيستهم تعد مرجعا لشعوب وأمم شرقا وغربا... في خضم أزمة اقتصادية واجتماعية ومعيشية خانقة يعاني منها الشعب المصري كان حكم الإخوان يتهرب من مواجهتها ويتجنب تحمل مسؤولياته تجاه الشعب، والملايين من شبابه الذين ملوا سماع الكلمات المعسولة والخطابات المشحونة بالشعارات وهل يملك الإخوان غير ذلك؟ للتستر عن إخفاقاته الداخلية، وعن الجهل الكامل بقواعد تسيير الدولة وعن غياب رؤية سياسية ومشروع اجتماعي واقتصادي للتعامل مع الواقع المصري محليا وإقليميا ودوليا تحول الرجل أعني مرسي إلى دون كيشوت عصره وراح يسدد على طواحين الهواء، أعلن الرجل الحرب على حزب الله اللبناني وعلى سوريا وقطع آخر شعرة معاوية معها وعلى إيران التي أكدت استعدادها لمساعدة مصر ماليا، وفي نفس الوقت لم يستطع التعامل مع أكبر خطر يهدد الأمن القومي المصري وهو سد النهضة في أثيوبيا الذي يهدد مصر بالمجاعة وبالجفاف... حتى مفتي الفتن الشيخ القرضاوي الذي استعان به بعد الإجتماع الذي عقده الإتحاد العالي لعلماء المسلمين الذي أجاز ''دينيا'' قتال الشعب السوري وقتال الشيعة أقول كانت الاستعانة بشيخ الضلالة والظلال الضربة التي زادت من الشرخ بين الجماعة وبين بقية الشعب المصري، كما أساء ذلك حتى حلفاء الإخوان المسلمين في واشنطن والغرب. المسألة ليست صراعا بين الجيش المصري وبين مرسي الإنطباع الساذج الذي يحاول البعض حصر الوضع المصري فيه، وأكيد، فإن الإختلاف بين الطرفين الرئاسة الإخوانية والمؤسسة العسكرية هو أحد جوانب الأزمة وليس العامل الوحيد فيها ذلك أن الإستياء العام من حكم الإخوان شمل كل فآت الشعب المصري وأساسا الفآت الشبابية التي كانت المحرك الفاعل لإزاحة نظام مبارك لكن الإخوان في آخر لحظة وبلعبة قذرة سرقوا منهم حلمهم حين ركبوا الموجة في آخر لحظة واستحوذوا على السلطة وخدع الملايين من أولئك الشباب الذين عادوا خلال الأسبوع الماضي ليحتلوا الميادين في كامل المدن المصرية وليطردوا مرسي وليزيحوا حكم الإخوان.. هل هي بداية لزوال الظاهرة أعني الظاهرة الإسلاموية التي اجتاحت البلدان العربية في السنوات الأخيرة كالوباء لكنها مع مرور الأيام نكتشف أنها مجرد فقاعات كذلك الزبد الذي يذهب جفاء مجرد فقاعات على سطح المجرى الهادر مجرى التغيير الذي إن كانت الشعوب العربية تنتهجه وتسعى إليه فإنها لا تقبل أن يختلس منها. حدث ذلك في مصر وحدث في تونس وبصفة أخرى حدث في ليبيا وأكيد فإن ما وقع في مصر هو أمر مرعب بالنسبة لكل التنظيم العالمي للإخوان المسملين سواء أكان في الحكم أو يطمع في السلطة وضمن هذا السياق فإن حركة حماس في غزة ستكون الخاسر الأول نتيجة رهانتها على مصلحة الجماعة، قبل مصلحة فلسطين.. لكن هناك عامل آخر ساهم بطريقة أو بأخرى في هذا الخرق الذي يتعرض له جلباب الإخوان وأعني بذلك صمود سوريا دولة وجيشا أمام حرب عالمية إرهابية موجهة ضدها، وفيها يحتل الإسلامويون والإخوان في مقدمتهم صدارة الصفوف، ليس القتالية منها، إنما التآمرية والتضليلية وهذا هو منهجهم دوما.. ذلك أن الإسلاميين العرب إن وصلوا إلى السلطة، فليس ذلك نتيجة شعبيتهم وتجذرهم في الشارع العربي، وخاصة الحال في مجتمع مثل المجتمع المصري، أو المجتمع التونسي إنما حدث ذلك أيضا نتيجة توجه أمريكي أساسا لتدجين هذا التيار وإدخاله بيت الطاعة بعد إدراك واشنطن أن الشعارات المتطرفة التي يستعملها هي مجرد مطية إما من أجل أن يسترعي الإنتباه أو كبضاعة للمقايظة وتلك هي الحقيقة فقد قايض بها الغرب ووصل إلى السلطة ونسي أو تناس كل ما كان ينادي به من معاداة الغرب ومعاداة الصهيونية وإسرائيل. إنهم مجرد ''عرائس'' تسير من وراء الستار كما عبر عن ذلك السيد لاخروف وهو يتحدث عن دور أعراب الخليج وإخوان مصر وعثمانيي أنقرة الجدد الذين يدقون طبول الحرب في سوريا. مسار الأحداث في مصر سيكون دون ريب مؤشرا لتطورات مقبلة في المنطقة وأكيد، فإن أوراقا أخرى ستظهر ويعاد ترتيب بعضها ومع أن ذلك لا يعني انقلابا في الموازنات إلا أنه بالنسبة لواشنطن وإسرائيل أساسا أن لا شيء ثابت في الرمال العربية المتحركة، وربما الرعب قد يصيبها، من عودة الدول الوطنية أو بعض مظاهرها. حمدا قطر السابقان، راهنا على إسقاط الرئيس الأسد والدولة السورية وقدما ضمانات ستة أشهر لواشنطن والغرب لكنهما ذهبا وغادرا السلطة، ومرسي أعلن عداءه مع سوريا ووقوفه جنب ''المعارضة'' المسلحة والمجموعات الإرهابية وقطع العلاقات نهائيا مع دولة هي دوما الجناح الشمالي لمصر، وهاهو يذهب، ترى لمن الدور القادم؟ قد لا يكون أردوغان بنفس الطريقة، لكن الإنتخابات التركية القادمة ستكون مصيرية لحزب العدالة والتنمية التركي الذي بدأ يتآكل من ساحة تقسيم...!