مرسي رئيسا لمصر؟! فهل ربح الإخوان أم خسروا؟! إعلان النتيجة لصالح مرسي بعد التضييق على صلاحيات الرئيس في حد ذاته مطب أوقعت فيه السلطة العسكرية مرشح الإخوان، لأنه سيواجه حزمة من المشاكل التي ينتظر ليس فقط ميدان التحرير حلها، وإنما في كل ربوع مصر، والرجل يأتي إلى السلطة مثل ملكة بريطانيا - يملك ولا يحكم - يملك الكرسي وتحكم مصر حكومة ظل، ومرسي يعطي الغطاء الشرعي لهذا الحكم. لا أدري إن كان ميدان التحرير قادرا على إجبار المجلس العسكري على التراجع عن قراراته في حل البرلمان والقرار المكمل؟ أم سيتوقف به المطاف هنا، لأن مرسي سيتلهى في مزايا المنصب ولن يطالب بصلاحيات هو يعرف أنه لن ينالها. ماذا سيفعل مرسي طوال السنة المقبلة لمواجهة المشاكل الاقتصادية للبلاد ومحاربة الفقر؟ والمجلس العسكري ضبط ميزانية الدولة على مقاسه من هنا إلى نهاية سنة 2013، وطوال هذه الفترة سيقف مرسي أمام حاجز يمنعه من الوفاء بوعوده، ما سيقلل من شعبيته التي تراجعت أصلا منذ الانتخابات البرلمانية الأخيرة. مرسي سيواجه تحد كبير، فإما أن يكون رجل دولة، ينحاز إلى الدولة؟ وإما أن يبقى زعيم جماعة ينحاز إليها، والامتحان هذه المرة تطبيق قرار حل جماعة الإخوان المسلمين المؤجل تطبيقه منذ 20 سنة، وهو قرار لا رجعة فيه، وقد حدد شهر سبتمبر المقبل كآخر أجل لتنفيذه. فهل سيكون مرسي السيف الذي يطعن الجماعة التي أنجبته ؟! لن ينتظر الشارع المصري مستقبلا انفتاحا على الحريات ولا ديمقراطية على الطريقة الغربية، فالديكتاتورية اليوم غيرت اسمه، من دكتاتورية مبارك إلى الدكتاتورية الدينية، كما لن ينتظر الاقتصاد تدفقا للسياح الأجانب، ولن ينتظر الشعب المصري عدالة اجتماعية، فهذه ليست ضمن فلسفة الإخوان، وقد ذهبت إلى غير رجعة مع جمال عبد الناصر. لكن الرابح الوحيد ربما في هذا الانتصار، هي القضية الفلسطينية إذا ما تراجع مرسي مثلما وعد عن اتفاقيات كامب دافيد، لأن شفيق كأحد رجالات النظام السابق لم يكن قادرا على اتخاذ هكذا قرار. فمرسي إن أعلن القطيعة مع إسرائيل، سيعطي دفعا للقضية الفلسطينية، وهذه إيجابية ليست لفلسطين وحدها، بل لكل العرب، لأنه إذا ما نجح في إجبار الغرب على طرح مشكلة فلسطين للحل، وتطبيق قرارات اتفاقيات السلام الموقعة وأجبر إسرائيل على وقف بناء المستوطنات واحترام السلطة الفلسطينية، سيربح العرب من هذه القضية التي عرقلت البناء العربي. الخاسر الأكبر في فوز مرسي، ليس أحمد شفيق، ولا المؤسسة العسكرية، لأن إعلان الفوز جاء بعد مفاوضات وتنازلات من الطرفين. الخاسر الأكبر هي السعودية التي كانت تراهن دائما على التيار السلفي في البلدان العربية، وتاريخها مع حركة الإخوان تطبعه العداوات. أما الخاسر الثاني فهي سوريا، فالتخلي عن نظام بشار كان ضمن بنود الاتفاق بين العسكر ومرسي. لا أدري متى يعود ميدان التحرير إلى مليونياته، لكن الأكيد أن الموعد المقبل لن يكون بعيدا، فمصر مازالت مفتوحة على كل المخاطر...