عرفت، أمس، بلدية "حاسي بونيف" بوهران، هدوءا نسبيا واستقرارا ملّغما مرفوقا ببعض الفوضى بعد الاحتجاجات العارمة التي عرفتها المنطقة مساء أوّل أمس المصحوبة بأعمال تخريب واسعة ومشاغبات، فتحت باب المواجهات ما بين الشباب الغاضب ومصالح الدرك على إثر مقتل شابّ والظروف المزرية التي تتخبّط فيها البلديّة. ظلّت الأجواء مشحونة صباح أمس ببلديّة "حاسي بونيف" التي تبعد عن ولاية وهران بحوالي 20 كلم، حيث ظهرت بعض محاولات إحداث أعمال الشغب والفوضى من طرف مجموعات من الشباب، تخلّلتها عمليّات حرق لعجلات السيّارات وذلك بعد الخراب الذي عمّ بالمنطقة في ساعات قلائل من مساء أوّل أمس من خلال ثورة غاضبة شنّها عشرات من الشباب الغاضبين بالمنطقة احتجاجا على ازدراء الأوضاع وتعفّنها. وجاء ذلك تباعا لحادثة مقتل شابّ في العشرين من العمر بطلقات من مسدّس دركي بفعل غير مقصود يوم الاثنين من الأسبوع الماضي، بينما كانت القطرة التي أفاضت الكأس، تكرّر انقطاع التيّار الكهربائي، حيث صرّح مقيمون هناك أنّ انقطاعات التيّار الكهربائي بعدّة أحياء بالبلديّة صارت متكرّرة في الفترة الأخيرة، كان آخرها والذي أشعل فتيل الغضب بحيّ "الزويّة"، وبناء على ذلك قام المحتجّون بحركة تخريب كبيرة لم تسلم منها لا المنشآت العمومية ولا الخاصّة، إذ تمّ تحطيم جزء من مقّر البلديّة وحرق الملحقة ومجموعة كبيرة من الوثائق بما فيها السجّلات من خلال اقتحام المقّر في محاولة للإعتداء على المير والمنتخبين، بينما قاموا بأعمال تخريب معتبرة على مستوى مركز البريد، الأمر الذي دعا إلى تدخّل مصالح الدرك الوطني لتهدئة الأوضاع، ليتحوّل الوضع بذلك إلى مشادّات ما بين الطرفين ومواجهات تخلّلها الرشق بالحجارة ومحاولة اقتحام مقّر الفرقة أسفر عن توقيف بعض منهم.. في حين سجّل تحطيم لعدّة أملاك عمومية وخاصّة استغلّت تبعا لها مجموعة من اللصوص للعبث بالمنطقة، إذ تعرّضت أعمدة الكهرباء إلى حملة من التكسير والحرق، كما قام المحتجّون كذلك باقتحام محلاّت تجارية خاصّة مثل أحد محلاّت بيع الأجهزة الكهرومنزلية، إذ تمّ إخلاؤه من أجهزة التلفزيون والثلاّجات وإحراقها بالشارع تعبيرا عن الغضب الذي كاد أن يعصف بالبلديّة بين ليلة وضحاها، وقد سجّلت أكثر الخسائر بمدخل البلدية والشارع الرئيسي الذي يتواجد به مقرّها، بينما قام آخرون بإغلاق الطريق الرئيسي الرابط بين وهران وحاسي بونيف ومنعوا جميع المركبات من المرور، ما اضطّر السائقين إلى المرور بطريق "الخرّوبة"، وتحوّل مشهد البلديّة إلى شبه دمار بعدّة نقاط بعدما أضرمت النيران بعجلات السيّارات إلى جانب تجمّع الحجارة التي استعملت لرشق مصالح الدرك والبلديّة. الاحتجاجات التي شلّت البلديّة على مدى الساعات الأخيرة وجعلتها على فوهة بركان، صرّح المحتجّون بخصوصها "للشروق اليومي" أنّها نتيجة حتمية لحركة الركود في جميع المجالات التي يتخبّط فيها سكّان المنطقة في واقع جدّ فقير صنعته مظاهر البطالة والعزلة، الأمر الذي ساعد على انتشار رهيب لمختلف الجرائم وحوّل البلديّة إلى منطقة غير آمنة، وكانت حادثة مقتل الشابّ المسمّى "ح. عبد القادر" الأسبوع الماضي أحد دوافع هذه الاحتجاجات بعدما قتل خطأ من طرف دركي برصاصة على مستوى الرأس بعدما حاول الضحيّة الاعتداء على الدركي باستعمال خنجر، مصيبا إيّاه بجروح. وقد تبيّن حسب ما تشير إليه التحقيقات في الحادثة أنّ الشابّ مسبوق قضائيا، بينما ذكرت مصادر أنّه كان قد دخل في مناوشات مع صاحب كشك، هذا الأخير الذي تمّ الاعتداء عليه من طرف زملاء الضحيّة بعد مقتله وقاموا بإحراق كشكه والاستيلاء على المبالغ المالية التي كانت به. من جانب آخر عقب هذه الأحداث عقد اجتماع مغلق بين ممثّلي السكّان المحتجّين ومصالح الدرك والهيئات المنتخبة المحليّة، بينما وضعت مصالح البلديّة على رأسها "المير"، الذي لم نتمكّن الإتّصال به، في وضعية حرجة مع الأشهر الأولى لبداية العهدة الانتخابية الحالية. صالح فلاق شبرة