يرى مختصّون في علم الاجتماع أن العنف الأسري يعتبر القاعدة الأساسية لأشكال العنف الأخرى باعتبار الأسرة أهم مؤسسة اجتماعية، كما يرون أنّ غياب الضّوابط الاجتماعيّة هو ما يمهّد لتنامي هذه الظاهرة، ليبقى الحل الأنسب للتقليل من آثار هذا العنف هو اعتماد وسائل الضبط الاجتماعي وإدراجها في التنشئة الاجتماعيّة للأبناء. العنف بمفهومه العام هو سلوك إيذائي، تستعمل فيه القوّة بشكل مفرط، يصدر من طرف فرد أو جماعة ضدّ الأنا أو ضدّ الآخر، والعنف يرتبط ارتباطا وثيقا بالوسط الحضري أي المدينة، لتشعّبها وتعقّد الحياة بها وتنوّع مشكلاتها، كما يأخذ العنف قوالب وأشكال عديدة تختلف باختلاف العوامل المؤدّية إليه. العنف الأسري أو العنف داخل الأسرة، شكل من أشكال العنف الخطيرة باعتبار الأسرة مؤسّسة اجتماعيّة ثقيلة تحمل أهميّة كبيرة في المجتمع ما يجعل ناقوس الخطر يدقّ إذا ما طالها العنف، كما يظهر العنف الأسري في أشكال عديدة، ويكون لفظيّا أو جسديّا كإهمال الآباء لأسرهم، ضرب الزوج للزوجة وأحيانا العكس، غياب الحوار بين الآباء والأبناء، وكذلك حرمان الأطفال من حقوقهم المشروعة كالحقّ في اللّعب والتعليم وغيرها، تعدّي الأبناء على أوليائهم، فهذه الأشكال وغيرها تعتبر عنفا أسريّا تنامى بشكل بارز مؤخّرا في مجتمعاتنا ما أدّى إلى ترتب آثار وعواقب وخيمة أين أصبحت الأسرة أوّل مصدّر لجميع أنواع الانحراف والجريمة، بينما من المفروض أنّها تقوم بمسؤولياتها تّجاه النشء . يرى مختصّون في علم الاجتماع، أنّ الدافع الرئيسي للعنف الأسري هو التنشئة الاجتماعيّة اللامعيارية وغياب الضوابط الاجتماعيّة ما يجعل الفرد كائنا عضويّا تتحكّم فيه الغرائز لا يرتقي إلى كائن اجتماعي، وعندما يغيب الضبط في الأسرة ينشأ الأطفال متمرّدين بطريقة عشوائيّة ما يؤثّر على تصرّفاتهم وجميع تعاملاتهم الأمر الذي صنّفوه ضمن سلبيات الأسرة الممتدّة وميزات الأسرة النوويّة أين يحرص الآباء على وضع ضوابط اجتماعيّة تحمي أطفالهم من التسيّب والانحراف بإكسابهم العادات والقيم والتقاليد التي يضبطها الدين والمجتمع. الضّبط الاجتماعي إذا هو نسق من العلاقات التي تكوّن نمطا من التوجيه الإلزامي، من المفروض أن تنتهجه الأسر بغية المحافظة على القواعد والمعايير المتوارثة، ولأنّ فاقد الشيء لا يعطيه فيشترط خضوع الأولياء بداية للضوابط الاجتماعية التي تمليها المدارس والمساجد والإعلام وجميع المؤسسات الأخرى المعنية بالضبط، حتّى يسهل عليهم سنّ قوانين أسريّة وإخضاع أبنائهم لها. هذاويوضّح المختصّون أنّ الضبط يتم بالدّعوة الحكيمة والموعظة الحسنة واستعمال الحبّ والمكافئة في حال استجابة الأبناء للقيم والتقاليد، وباستعمال الكره والتّأنيب والمنع في حال عزوفهم عمّا تمليه القيم والقطيعة، من وسائل الضّبط أيضا تنشئة الأبناء على الإيمان وإطلاعهم بمدى أهميّة التعاليم الدينية وايجابياتها سواء في الدنيا أو الآخرة، وكذا تربيتهم منذ الصغر على احترام القوانين مهما كانت طبيعتها وطبيعة مؤسسات الدولة وذلك تماشيا مع الدور الايجابي الذي تلعبه هذه المؤسسة في تنظيم الحياة اليومية للناس. هذا ويؤكّد المختصّون الاجتماعيون أنّ اعتماد وسائل الضبط الاجتماعي داخل الأسرة من شأنها إبراز تنشئة اجتماعيّة سليمة تعود بالنّفع على جميع مؤسّسات المجتمع الأخرى وتجنّبها أشكالا عديدة للعنف، لأنّه إذا صلحت الأسرة صلح المجتمع.