تندرج اللقاءات الجهوية لأعضاء اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني التي يشرف عليها أعضاء المكتب السياسي في إطار التحضير لدورة اللجنة المركزية التي من المقرر عقدها في الأسبوع المقبل، وهي الدورة العادية التي تنعقد في ظروف متميزة حزبيا ووطنيا، من منطلق أنها ستحسم في مقترحات الحزب الخاصة بتعديل الدستور وكذا تنصيب اللجنة الوطنية لتحضير المؤتمر العاشر. وتكتسي الدورة أهمية بالغة، بالنظر إلى الجدل المرتبط بالحراك الداخلي الذي يشهده الحزب، إلى درجة أنه كلما اقترب موعد اجتماع للقيادة إلا وبدا الأفلان وكأنه فوق صفيح ساخن وأنه مهدد بكل الأخطار. إذن، يوجد الأفلان، في كل الأحوال وفي كل الظروف، في واجهة الأحداث السياسية في البلاد، وهذا من منظور تاريخيته وريادته وقدرته على المبادرة وصنع الحدث،فلا يمر يوم إلا ويحتل الصدارة في وسائل الإعلام المختلفة، وتكفي إطلالة عابرة على مضامين الصحافة الوطنية، بمختلف أطيافها، للوقوف على المكانة التي يحتلها الأفلان، فهو الحاضر دائما بآرائه وموافقه و»سجالات« قياداته وكذا بما يبرز من اختلافات، حتى وإن كانت تتجاوز الحدود في بعض الأحيان. يوجد الأفلان دوما في واجهة الأحداث، سواء بفعل الحراك الداخلي الذي يتميز به طوال تاريخه أو بفعل تلك »الحرارةس التي تغذيها بالحطب والنار أخبار تنشر هنا وهناك، فيها ما هو مفبرك وفيها ما هو مدسوس لبلوغ أهداف محددة، ترمي إلى ضرب الحزب في وحدة صفوفه وفي شرف أعضائه وفي مصداقية شعبيته. إن الحقيقة التي ينبغي التوقف عندها بالرصد فهي أن الأفلان يمتلك طاقات هائلة وأفكارا حية وشخصيات ذات قيمة، لكن هذه الطاقات والشخصيات- البعض على الأقل- لم تدرك بأنه لا مخرج لها خارج إطار الحزب أو على حسابه. إن الانتماء إلى حزب يعني »عقد« انخراط في قيم وقناعات وسياسات مشتركة والالتزام بها، كما يعني قبول النقاش داخل ذلك الحزب للإتيان بأفكار وتصورات. لذلك كله فإن كل أبناء الأفلان مطالبون باستيعاب الدروس من تجارب الماضي القريب والبعيد، وهي تؤكد: - إن من الطبيعي أن يعرف حزب بوزن الأفلان ما يوصف ب '' الحروب'' الشرسة من أجل التموقع، لكن الدرس الذي يجب استخلاصه هو أن أخطر ما يمكن أن يهدد الحزب هو أن يتصور هذا أو ذاك، هذه المجموعة أو تلك، أن بالاستطاعة احتواء وتوجيه الأفلان حسب الأمزجة والأهواء. - إن الأفلان أكبر من أن يقزم أو يحجم في أشخاص أو مجموعة، فهو ليس ملكا لفرد أو تيار أو جماعة وهو ليس حزب زعامات أو أعيان، لذلك فإن المحظور هو أن تطغى المصالح الضيقة والطموحات الشخصية على مصلحة الحزب كبرنامج وأفكار ومستقبل. تلك بعض الدروس التي يجب أن تحظى بالاهتمام وهي أجدر بالرصد من تلك المعارك الخائبة التي يريد البعض أن يسجن المناضلين في دائرتها المغلقة، وكأن المعركة لا تتجاوز حدود رفض فلان وعدم الرضا عن علان، مع أن المعركة الحقيقية هي بين الأفلان وخصومه، وهي أيضا كيف يكرس الأفلان مكانته الريادية في الساحة السياسية. صحيح، أن المعارك الداخلية تترك دوما جراحا غائرة في صفوف المناضلين، إذ تنهك القوى وتشتت الصفوف، لذلك فإن المطلوب في هذه المرحلة بالذات هو تكريس جبهة التحرير الموحدة والمتماسكة. إن المطلوب هو البحث في مستقبل الأفلان، وهذه المسألة الحيوية لا تدخل في باب الترف الفكري أو السياسي ولا هو مجرد محاولة لاستشراف المستقبل، بل إنه يعتبر قضية مصيرية تقتضي كل الاهتمام من قيادة الحزب خصوصا ومن كل مناضل ومناضلة عموما، ذلك أن الأفلان محكوم عليه بأن يرفع التحدي حتى يظل في موقع الريادة، وليكن المؤتمر العاشر موعدا سياسيا حاسما، يؤكد من خلاله أبناء الأفلان أنهم في مستوى الأمانة والرسالة. ولا اختلاف على أن أول شروط الريادة هي وحدة الحزب وتماسك مناضليه، والوعي بحقيقة ثابتة تقول: إن الأفلان إما أن يكون وإما أن يكون، لأنه في الأصل والأساس لا يصلح أن يكون ضعيفا أو هامشيا.