يأتينا الموت فجأة، وتلك مشيئته تعالى يحيي ويميت، إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون. وها هو ذا قد غادرنا الصديق العزيز علاء الدين رقيق مكي دون وداع، لأربعين عاما كان الصديق الراحل يحارب بقلمه دون أن تنكسر سهامه أو ترتد عليه، لم يتعب وهو يخوض معاركه من أجل الانتصار للقيم الجزائرية الأصيلة، سواء كان في صحيفة'' المجاهد الأسبوعي'' أو ''صوت الأحرار'' أو عبر مواقع إعلامية أخرى، حيث كان يمارس طقوس حبه لمهنة الصحافة، إلى أن دخل معركته الأخيرة مع المرض، فقاومه دون استسلام، إلى أن انقض عليه أخيرا وبالضربة القاضية. كان قلم سي علاء جميلا وسيالا، ذا لغة راقية وأفكار قيمة، تماما كما كانت تنساب بسمته الدائمة التي لا تفارقه، وبتلك البسمة التي تعلو محياه ، كان يبدو كطفل بريء لا يعرف الغضب، حتى وإن كان يغلي من الداخل غضبا. صديقنا علاء الدين وطني الهوى، عروبي الانتماء، متنوِّر المنهج ، عاشق اللغة العربية، مدافع شرس عن هوية أمته الجزائرية والعربية، كان مثقفا ملتزما، عاش عمره الزاخر بالعمل الجاد والاجتهاد المتواصل، طالبا للعلم على الدوام، كان صحفيا مقتدرا، يتميز بالثبات على الموقف ولاا يساوم أبدا على المبادئ. يصعب الحديث عن صديق طيب وأخ مخلص ورفيق درب، بصيغة الماضي، وما أصعب علينا اليوم أن نستعرض مآثر وخصال المرحوم الصديق العزيز الأستاذ علاء الدين، الكاتب والصحفي، الذي كان طيلة حياته، رجلا كريما ودودا، خلوقا ملتزما، نزيها محبا لوطنه. إن مصاب فقدان الأستاذ علاء الدين عظيم، غير أن المآثر التي تحلَى بها والقيم النبيلة التي ناضل من أجلها والمواقف المشرفة التي التزم بها، كاتبا وصحفيا، تذكرنا وتؤكد لنا حين نستحضرها، أنه أعطى معنى فعليا وإيجابيا لوجوده في الحياة الدنيا. كان سي علاء الذي ودعناه أمس الوداع الأخير، كثير الحياء، صدوق اللسان، وقورا صبورا، شكورا وراضيا، وتلك هي صفات حسن الخلق .كان مناضلا صلبا، متمسكا بانتمائه لجبهة التحرير الوطني، حريصا على الدفاع عن هويته الوطنية، ويشاء القدر أن يرحل عنا، حاملا معه كنزا كبيرا من الأخلاق والإيمان والتواضع والصبر، وبهذه الشمائل التي حباه الله بها طوال حياته حاز محبة الناس في مجال عمله وفي الأحياء التي كان يتعاطى وإياها واجبات التواصل في الحياة العامة. فرحمة الله نرجوها لأخينا وصديقنا علاء الدين الذي سبقنا إلى دار البقاء، وتعازينا إلى أنفسنا أولا، لأننا فقدنا أخا عزيزا وصديقا مخلصا، وكل العزاء إلى كافة أفراد عائلة المرحوم، حرمه المصون وبناته وكل الأهل والأصدقاء واسرة الصحافة، سائلين المولى تعالى أن يتغمد فقيدنا الغالي بواسع رحمته، ويسكنه فسيح رضوانه، ويحشره مع الأطهار والصديقين، وأن يعوّض عن فقده، وأن يربط على قلوب أهله وذويه بالصبر ويمنحهم عظيم الأجر، إنه سميع مجيب. إننا لا نملك ونحن نودعك إلا أن ندعو الله عز وجل أن يعطر مقامك الزكي وأن تظل لنا ولمن عرفوك وتعلموا منك خير قدوة واصدق مثال في العمل والتفاني والوطنية والصدق وعزة النفس والذود عن الحق والثبات على المبدإ. وداعا أخانا العزيز سي علاء الدين، رحمك الله وطيب ثراك. وسلام عليك ولله الأمر من قبل ومن بعد.