كيف تقرؤون الحضور الجزائري والعربي في مسيرة باريس المنددة بالعمل الإرهابي ضد مجلة »شارلي أيبدو«؟ لقد كان الحضور الجزائري متنوعا، فهو رسمي على مستوى وزير الخارجية، ولا يمكن للجزائر أن تغيب على مناسبة مثل هذا النوع، وكان حضورا من الجالية الجزائرية ومزدوجي الجنسية، عبروا عن رفضهم للارهاب، علما أن بلادهم كانت ضحية له وعاشت عشرية سوداء دامية ولم تلق التعاطف الذي كانت تأمله من العالم. لكن هناك بعض هذا الحضور العربي ينطوي على الكثير من التساؤلات، خاصة وأن هناك من وجد نفسه جنبا إلى جنب مع السفاح نتنياهو الذي قتل في غزة للتو 3000 فلسطيني، معظمهم من الأطفال، أما الناس البسطاء الذين شاركوا في المسيرة فهم يعبرون عن مشاعرهم الصادقة في رفض قتل النفس الذي حرم الله قتلها أو التعاطف مع ذوي الضحايا ، كما يفعل عادة جيران يتعاطفون مع جيرانهم، وهناك فئة تعتقد أن علمانيتها تقتضي الاشتراك في مسيرة تتم في أحد وجوهها دفاعا عن العلمانية. أما المشاركة الرسمية من طرف المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية فهي من موجبات الانتماء والمواطنة في فرنسا. ما تعليقكم على تصريحات الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ووزيره الأول مانويل فالس على أن حربهم ضد الإرهاب وليس ضد الإسلام؟ لا أتخيل أحدا من زعماء العالم يقول إن حربه ضد الإسلام، حتى جورج بوش الأحمق تجنب مثل هذا الإعلان، والتركيز من طرف هولاند على الإرهاب هو لعزل الجهاديين عن الفضاء الإسلامي في الداخل والخارج وهم معزولين أصلا، بدليل أن »داعش« تقتل كل من لا يشبهها مسلما كان أم غير مسلم، وهولاند يدخل من هذا الباب للتأكيد على عزلة الجهاديين وعلى خطرهم. إلى أي مدى يمكن لعملية "شارلي إيبدو" أن تزيد حجم الضغوط المفروضة على الفرنسيين المسلمين والجالية المسلمة في فرنسا وأوروبا عموما، خاصة أمام تنامي خطاب الكراهية ضد الإسلام؟ ستزيد الضغوط مع الأسف على المسلمين في فرنسا وأوروبا، لأن هناك من له مصلحة في الخلط بين الإرهاب والإسلام لأهداف داخلية وهناك من له مصلحة في بقاء ظاهرة الاسلاموفوبيا، علما أن فرنسا دولة قانون وفيها المذنب يحاسب على ذنبه وليس على انتمائه الإثني والديني وليس على انتمائه العائلي. ناهيك عن أن الجهاديين الثلاثة الذين قتلوا تم تدريبهم الإيديولوجي في السجون وليس في ضواحي المسلمين، لذا ربما على السلطات الفرنسية أن تبحث عن هذا الجانب وألا ترضى بالخلط بين المسلمين والإرهاب. في نظركم، ما هي الإجراءات التي ستتخذها فرنسا بعد هذا الحادث؟ بالأمس نشر استطلاع للرأي العام تبين من خلاله أن 83 بالمئة من الفرنسيين يخافون من عمليات إرهابية جديدة. هذا الخوف قد يتيح تمرير إجراءات أمنية ما كان ممكنا تمريرها في ظروف أخرى قد لا يصل ذلك إلى حد إعادة إنتاج باتريوت اكت فرنسي، لكن لن يكون بعيدا عنه بمسافات كبيرة، مع أننا نأمل العكس فمكافحة الإرهاب الفعالة تتم عادة مع دعم الحريات والحقوق وليس بالتضييق عليها وانتهاكها. الآن هناك مخاوف فعلية من ردّة فعل فرنسا بعد هذه العملية، هناك من يذهب إلى توقع تدخل فرنسا في ليبيا، تماما مثلما فعلت الولاياتالمتحدة مع أفغانستان في 2001 تحت غطاء محاربة الإرهاب. هل ترون أن هذا الطرح وارد؟ ليس لدى فرنسا وسائل كافية لخوض حرب في ليبيا إن وقعت حرب فلا بد أن تكون مع قوى أخرى وأنا أستبعد ذلك، هم كانوا يراهنون على دور مصري وجزائري والآن لم يتغير الشيء الكثير ربما يزداد الدعم لخليفة حفتر ويطلب من مصر والجزائر دورا ما. أما إذا أرادوا استغلال الحادث الإرهابي لاحتلال ليبيا كما فعل بوش في العراق، فإنهم يرتكبون خطأ قاتلا لا يقل حماقة عن الحماقة العراقية.