جريمة القتل التي ذهبت ضحيتها عائلة ضياء شادي بركات أمام جامعة نورث كارولينا بالولايات المتحدةالأمريكية لا تثير أي اهتمام من جانب الإعلام الأمريكي والغربي عموما، فالضحايا مسلمون، والفاعل رجل أبيض، وأقصى ما يمكن أن تفضي إليه التحقيقات هو أن المجرم مضطرب نفسيا. لا أحد يتحدث عن تحقيقات في احتمال وجود شبكة عنصرية، أو منظمة إرهابية تستهدف المسلمين في أمريكا، فالإرهاب ماركة مسجلة باسم العرب والمسلمين، ولن نسمع أصواتا تدعو إلى ضرورة محاربة الفكر العنصري المتطرف الذي يشيع ثقافة كراهية الآخر المختلف، فوحده التراث الإسلامي يجب أن يخضع لمراجعة دقيقة، ووحدها كتب المسلمين يجب أن تحرق وتحظر من النشر والتداول. ثلاثة أشخاص قتلوا رميا بالرصاص داخل بيتهم لأنهم مسلمون، ووسائل الإعلام الأمريكية تتعامل بفتور مع الجريمة، وعلى الضفة الأخرى من المحيط الأطلسي يبدو الأوروبيون، الذي تضامنوا مع فرنسا بعد الهجوم على شارلي إيبدو، وكأنهم غير معنيين، وأكثرهم جرأة تحدث عن النقد الذي تتعرض له وسائل الإعلام الأمريكية بسبب تجاهلها للجريمة. العدالة في الغرب لا تطرح أبدا احتمال تصنيف الجرائم ضد المسلمين كأعمال إرهابية، وهي بالتالي لن تبحث في إمكانية وجود منظمات إرهابية متطرفة تستهدف المسلمين، فالأدوار محددة سلفا، الإرهابي هو المسلم، والضحية هو الغربي، وكل خرق للقاعدة هو استثناء يحفظ ولا يقاس عليه، بل إن أول من يستدعى لتقديم تفسير للجريمة هو الطبيب النفسي، لأن الرجل الأبيض لا يقتل إلا إذا كان مختلا. الرسالة التي تطلقها وسائل الإعلام الغربية، أوروبية كانت أو أمريكية، بسيطة وواضحة، ومفادها أن دماء المسلمين رخيصة، وأن هذا الغرب لا يتضامن إلا لنصرة الرجل الأبيض. قد لا يكون القاتل منتميا إلى تنظيم إرهابي، لكنه بكل تأكيد جزء من هذه المنظومة العنصرية الحاقدة التي لها اليد الطولى في وسائل الإعلام، وأجهزة القضاء، والمؤسسات الأمنية، منظومة قادرة على تفريخ هؤلاء المتطرفين القتلة، مثلما هي قادرة على تبييض الإرهاب الذي تمارسه، وتقديمه على أنه فعل حضاري يدخل في إطار تعميم قيم الحرية والديمقراطية. عندما يمارس الرجل الأبيض القتل أقصى ما يمكن أن تتحدث عنه وسائل الإعلام الغربية هو إرهاب أبيض، أي إرهاب كاذب يتكفل به الطبيب النفسي.