المشهد قاتم.. الصورة بالأحمر القاني فقط.. وليس لدى المسلمين اليوم ما يفخرون به ليقدموه لغيرهم.. ليس لديهم إلآ القتل والترويع والدماء.. لم يعد الوضع يحتمل.. حتى الشهر المبارك فقد روحانيته لدى كثيرين ، لم يعد شفيعا لهدنة ولا لسلام لدى المسلمين وفيما بينهم..لا العراق ولا سوريا ولا اليمن ولا مصر وليبيا.. حتى غرداية لم تسلم.. لا يزال المسلمون يشكلون المادة الأولى لنشرات الأخبار وعناوين الصحف والوكالات.. لا شيء غير الإمعان في القتل وسفك الدماء وفيض الدموع.. ا لفرح ليس مهنتهم بتعبير الراحل محمد الماغوط، والأمل ليس حلمهم في غد يهنأون فيه بالتعايش والمحبة والرحمة.. حالهم في المواسم والأعياد كحالهم في سائر أيام السنة..بل أسوأ رمضان عند أغلبهم ليس مناسبة للتراحم وصلة الصلة بالرحم وبث قيم التضامن وأشكال التآزر بين الناس.. هي صورة المسلمين الذين ومنذ وفاة نبيهم الكريم حولوا خلافاتهم السياسية إلى خلافات دينية وألبسوها أثواب العصمة والحق حتى تطاحنوا ورموا بعضهم بعضا بالزندقة والكفر. صورة تكاد تكون واحدة.. الألوان ذاتها والديكور ذاته.. المشهد بالأحمر فقط.. جثث على الأرصفة والطرقات، وحتى أمام بوابات المساجد والكنائس.. سيارات مفخخة ونيران، دمار وخراب..دموع، آهات وأحزان.. المشاهد ذاتها والألم واحد..
الذين يقرأون النص المقدس يعيدون إنتاج أفكار وأفهام في الولاء والبراء، وفي الجهاد والاستحلال وفي الغنيمة والشريعة.. هكذا يتحول رمضان والأعياد إلى مناسبات للقرابين والتضحيات الجسيمة ورفض الهدنة أو التهدئة.. تبدو الصورة بائسة عندما يتعلق الأمر بصورة المسلم لدى الآخر.. مثلما لا تبدو صورة الآخر مستوية وعادلة لدى المسلم.. يحدث ذلك في ظل انقسام كريه بين العلماء والجماعات الدينية أيضا من سلفية وإخوان وسنة وشيعة بشأن الشرعية والمشروعية وبشأن الجهاد والموالاة والخروج والتوسل بالكافر وغيرها من القضايا والنوازل. يحدث ما يشوه الصورة ويسوّدها وسط آفاق مسدود للعقل والضمير. لا شيء غير الدم والخراب.. أما بعد: »..إنسانية فقط لا أكثر ولا أقل«