يتخلى الكثير من الناس عن سماع الموسيقى والأغاني احتراما لحرمة رمضان وتقديرا لأجوائه الدينية المفعمة بالروحانية، وتجد الكثير من الناس والشّباب خاصة يسارعون إلى تغيير رنات هواتفهم إلى مدائح دينية وأدعية، بل يمسحون ملف الأغاني الموجود في هواتفهم النقالة وحواسيبهم، قصد صيام شهر رمضان إيمانا واحتسابا، ونلاحظ في وسائل النقل وغيرها صور ايمانية يصنعها الصائمون خلال الشهر الفضيل. فبعدما كان ذلك الشاب الذي يضع سماعات على أذنيه يستمع لموسيقى راي وغربية، تجده حاملا المصحف الشريف ويقرأ كلام الله الكريم، لكن للأسف الشديد يبدو أنّ هذا السلوك لا يدوم طويلا لدى البعض، إذ سرعان ما تعاود الموسيقى صخبها في سيارات الشباب في السهرة، في حين هناك من يصوم عنها طيلة الشهر الفضيل حتى ليلة إعلان عيد الفطر المبارك، فتضج الشوارع بالأغاني والموسيقى المرتفعة بعد ذلك. هو واقع يشبه العديد من السلوكات التي تظهر في رمضان وتختفي بمجرد انتهاء الشهر الفضيل كالصلاة مثلا، فخلال شهر رمضان تجد العديد من الشباب يلتزمون بأداء جميع الصلوات، لكن وبعد انقضاء الشهر، وحتى في اليوم الأول من الإفطار، يرصد الجميع تراجعا كبيرا عن قصد المساجد، ماعدا صلاة العيد، بعد أن كانت تمتلأ وتعج بالمصلين خلال شهر الصيام، هكذا هو الحال بالنسبة للأغاني والموسيقى العالية، فنجد انجراف بعض الشباب نحو سماع الأغاني في السّهرة، ليس هذا فحسب بل يصرّون على رفع الصوت في السّيارات وكأنهم في حفلات، يزعجون بذلك المواطنين الذين يستنكرون الأمر بشدة خاصة في شهر الرحمة والغفران. قال (نور الدين. ف) طالب شريعة إسلامية، أنّ سماع الأغاني حرام في الأصل فما بالك في رمضان، والكثير من الشباب يظنون أنه بمجرد آذان المغرب يحلّ كلّ شيء كان محرم في النهار، لكن العكس، فالصائم يجب أن يقتاد بشروط الصيام طوال الشهر، والمسلم الذي يعرف الدين ويحترمه يكمل ما بدأه من عبادة وتقرب من الله عز وجل حتى بعد رمضان، وأضاف أنه من الأخطاء الشائعة التي يقع فيها الناس، هو الاعتقاد بأن الصيام في معناه الامتناع عن تناول الطعام والشراب فقط، في حين يجب على الفرد الامتناع عن مشاهدة وسماع المكروه والمحرم والممنوع والمرفوض شرعا، وكما قال ابن القيم رحمه الله "حب القران وحب ألحان الغناء في قلب المؤمن لا يجتمعان". وذات السياق أمينة، أن الأمر المؤسف جدا، ليس فقط الاستماع إلى الأغاني عقب رمضان، وإنما تخلي بعض الشباب عن الصلاة فور انقضاء الشهر، ويلاحظ أن المساجد في رمضان تبدو مزدحمة بالمصلين ويتقاطر إليها الجميع من كل حدب وصوب، لكن واقع هؤلاء يختلف بعد رمضان، منوهة بأنه يجب التوعية بهذا السلوك الشبابي الخطير، لأن الصلاة عمود الدين وأساسه، وهي التي تمنع الفرد عن فعل كل ما هو مكروه ومحرم. .. الاستماع إلى الأغاني لا إرادي قالت إنصاف، أنّها تتوقف نهائيا عن الاستماع إلى الأغاني خلال رمضان كما أنّ الرغبة التي كانت تراودها إلى الاستماع إليها تنتهي بمجرد دخول الشهر الفضيل، إلا أنّها وبعد رمضان تعود لتستمع إليها خاصة وأنها في عطلة، تقول إنصاف، أنّها لا تجد بما تملأ أوقات فراغها !. من جهته قال محمد أنّ الأمر يتكرّر دون قصد، فيجد نفسه يستمع للأغاني بعد شهر رمضان أين كان يعدها من "المفطرات"، ويؤكّد أنه يعاود الاستماع إلى الأغاني بعد انقضاء الشهر الفضيل، بحكم الاستماع إليها لا إراديا في غالبية القنوات الفضائية والبرامج الإذاعية، وأشار إلى أنّه حاول مرارا الإعراض عن الاستماع عقب انقضاء شهر الصوم ولم يفلح، نتيجة إقبال جميع من حوله بمن فيهم أصدقاؤه على سماع الأغاني في كلّ وقت خاصة في السيارة، ومن جهته قال الشاب إلياس يبلغ 24 سنة، أنه خلال شهر رمضان يمتنع عن الاستماع للاغاني، لكن بعد رمضان يعود إلى سماعها كونه يستعمل السيارة كثيرا في النهار ولا يستطيع القيادة دون موسيقى. تحريم الغناء في الشريعة من الأدلة على تحريم المعازف والغناء قول الله جل وعلا : "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ"، وصح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : "نزلت في الغناء وأشباهه" أخرجه البخاري في الأدب المفرد وابن جرير في تفسيره. وصح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه سئل عن هذه الآية فقال : "هو الغناء والذي لا إله إلا هو"، يردّدها ثلاثا، أخرجه ابن أبي شيبه وابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان والحاكم وصححه ووافقه الذهبي وصححه ابن القيم. وأخرج البخاري في التاريخ وابن جرير أن عكرمة سئل عن لهو الحديث فقال: "هو الغناء" قال ابن عباس رضي الله عنهما: "الدف حرام والمعازف حرام والكوبة حرام والمزمار حرام". أخرجه البيهقي، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "الغناء يُنبت النفاق في القلب".