موجات من المناصرين الذين كانوا يلتحفون الألوان الوطنية اجتاحت مطار هواري بومدين الدولي، حيث وقفت جموع الشباب الراغبين في السفر إلى السودان في انتظار حصولهم على تذكرة السفر أمام بوابة المطار، وبين اليأس تارة والأمل تارة أخرى، بقيت عقول هؤلاء المناصرين وقلوبهم مع الخضر، وإن كان بعض من قابلناهم سيبقون في الجزائر، فإن أرواحهم وأرواح كل الجزائريين ستكون اليوم على نبض واحد في السودان. روبورتاج : سهام مسيعد/ تصوير:نبيل.ن تحول لون مطار هواري بومدين الدولي إلى أخضر وأحمر وأبيض بعد أن غص بعدد كبير من المناصرين الذين ارتدوا ألوان الفريق الوطني وأمضوا عدة ليال في العراء من أجل الحصول على تذكرة سفر تسمح لهم بحضور مباراة الفصل التي ستجمع الفريق الوطني مع نظيره المصري، ومع اقترابنا من المطار، ظهرت حركة غير عادية، مزيد من السيارات التي ضاق بها المكان على اتساعه، وكثير من الناس الذين دخلوا في مشادات كلامية مع عناصر مكافحة الشغب التي جيء بها لصد أعمال التكسير التي اجتاحت المكان بعد أن تم تحطيم أجزاء من بوابات المطار وكذا وكالة متعامل الهاتف النقال جيزي التي كانت بمحاذاته. السودان قبلة الجزائريين المناصرون الشبان الذين لم يعد اليوم أمامهم سوى حلم واحد هو أن يعيش أجواء مباراة الجزائر ضد مصر في السودان، لم يجدوا أمامهم سوى أن يقوموا بالتكسير أو الحرق تعبيرا عن يأس يعتريهم بين لحظة وأخرى، ما أن وصلنا إلى المطار رفقة السائق والمصور، حتى فاجأني السائق وهو يسحبني لنجري بأقصى سرعة مبتعدين عن جمع من المناصرين بعد أن لاحقتهم قوات مكافحة الشغب ليتفرقوا بعد ذلك في كل مكان، وهنا ازداد غضب الأنصار تأججا، وما أن عرفوا بوجودنا حتى تحلقوا حولنا كل يعبر عن سخطه أمام ما يجري، بل إن بعضهم قد أكد أنه في حال عدم ذهابه فإنه سيكسر كل ما يأتي أمامه. ومن ضمن الشبان الذين قابلناهم شاب يدعى عبوب زهير من الشلف، لم تمنعه إصابة قدمه ووضعه للجبس من السعي والانتقال من ولاية الشلف إلى العاصمة للذهاب، وقد أخبرنا الشاب أن سفارة السودان في الجزائر قد أحسنوا معاملته بسبب إصابته، وقد تقدم لهم بالشكر الجزيل على ذلك، مضيفا أنه قد قضى ليلة الأمس في العراء منتظرا حصوله على التذكرة. بين واجب المناصرة والأمومة وغير بعيد عن هذا الشاب، لفت انتباهنا عدد من النساء اللواتي كن يرتدين أعلاما وطنية، وعندما اقتربنا منهن بغرض السؤال، أخبرتنا السيدة حدو حميدة من البليدة أنها وإن كانت لا تستطيع الذهاب إلى السودان بسبب مشاغلها كأم وزوجة، فإنها لن تفوت فرصة مناصرة الفريق الوطني وأنصاره من المطار، حيث قالت السيدة» خليت أولادي وداري وجئت من الصباح باش نكون مع الفريق الوطني، ومع الجزائر، هذا أقل واجب نديروه أمام الحقرة لي رايناها في مصر«، ونحت بقية المتحدثات منحى السيدة حدو في تأكيد مؤازرتهن لمحاربي الصحراء في مهمتهم لإعلاء ألوان الراية الوطنية. أما بعض الشبان الذين يئسوا من الانتظار، فقد طالبوا بتوفير طائرة عسكرية تقلهم إلى السودان، مؤكدين أنهم يريدون الذهاب إلى السودان ولو وقوفا في هذه الطائرة، كما استنكروا أخذ عدد من المنظمات والجمعيات لافتين إلى أنهم أولى من هذه الجمعيات بمناصرة الخضر، ولم يقتصر الأمر على هذا فحسب فقد انتقد الشبان عدم وجود تنظيم في توزيع هذه التذاكر، وبينما نحن في المطار، فاجأنا أحد المناصرين بالقول إن عددا من الشبان من عين وسارة قد وصلوا قبل قليل إلى السودان، حيث حظوا باستقبال حار من طرف الإخوة السودانيين. ليس كل من حضر إلى المطار أمس أو حتى في الأيام التي سبقته كان يريد مناصرة الفريق الوطني فحسب، بلل إن هناك من فكر في أن يضرب عصفورين بحجر واحد، أن يكون مع الخضر في معركتهم الفاصلة من جهة، ولا بأس أن يحصل على بعض المصروف الذي يسد حاجاته خلال الأيام المقبلة من جهة أخرى، حيث اختار أحد الشبان من مفتاح بالبليدة أن يقوم ببيع بعض الأشغال اليدوية التي تحمل الألوان الوطنية، بينما أكد عدد من المناصرين الذين تحدثنا إليهم أنهم شاهدوا أشخاصا يبيعون عددا من التذاكر إلى السودان أمام المطار بزيادة تقدر ب 5000 دينار للتذكرة الواحدة. رسالة إلى المسؤولين أنصار الخضر الذين التقيناهم في مطار هواري بومدين الدولي، وهم شبان اختلفت أعمارهم واهتماماتهم ما بين طلبة في الجامعات وعمال وبطالين وغيرهم، حملونا مطلبا استحلفونا أن نبلغه للمسؤولين الجزائريين وعلى رأسهم عبد القادر حجار سفير الجزائر بمصر، ويتمثل هذا الطلب في ضرورة أن لا يتركوا حادثة ضرب المنتخب الوطني والأنصار من طرف المناصرين المصريين تمر مرور الكرام وأن يتخذوا الإجراءات اللازمة التي تعيد لكل الجزائريين كرامتهم، وتحفظ حرمة دمائهم التي سفكت في أرض طالما تغنى أهلها بالعروبة والإسلام والأخوة، كما طالبوا أيضا بضرورة اتخاذ كافة أساليب الحيطة والحذر من أجل ضمان أن تمر مباراة اليوم على خير وأن لا يسمحوا لأي أحد بالخداع أو المناورة على حساب الجزائريين، وقد أبلغنا أحد المتحدثين أنه يحمل السلطات كامل المسؤولية في حال عدم وجود 9 آلاف مناصر للفريق الوطني في الملعب يوم المباراة ذلك أن الشباب قام بما عليه فقد جاء بعزيمة وقدم كل المطلوب للحصول على تذكرة، لكن بعضهم لم يحظ بفرصة الذهاب إلى السودان. عدنا أدراجنا راجعين من المطار تاركين خلفنا آلاف الشبان الذين تحملوا عناء السفر من ولايات بعيدة من أجل الظفر بتذكرة تحقق لهم حلم أن يكونوا جزءا من مباراة الفصل بين الجزائر ومصر.