الإرهاب! عجيب أمر هذه الكلمة وكيف استبدت بعقولنا، بل، وكيف صارت تنطبق علينا رغما عنا مع أننا في حقيقة الأمر بعيدون عنها وعن ظلال المعاني التي تتفرع عنها! أول قرصنة جوية في تاريخ الإنسانية قام بها بلد متحضر، وأعني به فرنسا، وكان ذلك في أكتوبر من عام 1956 عندما اختطفت طائرة المناضلين الجزائريين وهم في طريقهم من المغرب إلى تونس. وبطبيعة الحال، تعلم المناضلون في سبيل الحرية بعد ذلك كيف ينبغي عليهم أن يخطفوا الطائرات دفاعا عن أوطانهم وحرياتهم، بل، وتعلم الصعاليك من أهل أوربا وغيرها كيف يخطفون الطائرات إمعانا في صعلكتهم. وأول قنبلة ذرية ألقيت على البشر إنما هي تلك التي قامت بها أمريكا في أغسطس من عام 1945 ضد اليابان، والحمد لله، لم تتلها قنابل أخرى وإلا لكانت البشرية قد انقرضت منذ عقود وعقود. وقد جاء الاستعمار الفرنسي، مثلما هو معروف، وجرب قنابله النووية في الصحراء الجزائرية عام 1959، وما زالت التحقيقات جارية في هذا الأمر. وأول من استعمل قنابل النابالم إنما هي فرنسا في الجزائر، والولايات المتحدةالأمريكية في فيتنام، بل هما من أوائل البلدان الغربية التي استعملت القنابل العنقودية والفوسفورية وغيرها من القنابل التي تأكل الأخضر واليابس. وما زالت الآثار التدميرية لهذه القنابل تشهد على بشاعة الجرائم التي اقترفت في حق الإنسان الجزائري والفيتنامي والإفريقي وغيرهم من المقهورين الآخرين. عندما نقرأ الصحافة، أو نتفرج على التلفزات العالمية، نفاجأ بأنه أريد لهذه الآية الجهنمية أن تنعكس علينا، نحن الضعفاء على سطح هذا الكوكب. القوانين واللوائح تصدر في المحافل الدولية منددة بالخطر القادم، ذلك الذي لا وجود له إلا في أذهان وتصورات الذين يمتلكون الأدوات التدميرية العاتية. ونفاجأ أيضا بأن قادتنا على اختلاف مشاربهم وإيديولوجياتهم يتشبثون بتلك اللوائح لا للدفاع عن شعوبهم، بل، للبقاء على كراسيهم ومقاعدهم التي لم ينالوها بالانتخابات وغيرها من الوسائل الديموقراطية. ولهذا السبب بالذات، كثرت التأويلات، وضاع في لججها كل من أراد أن يتبين طريقه في هذه الدنيا. ولهذا السبب أيضا تمترس وراء تلك التأويلات كل من ركب دماغه وراح يحاول تغيير طريق الإنسانية كلها. وكان أن حدثت حروب وانقلابات عسكرية، وصدامات جهوية، وصدامات بين الأوطان والشعوب، ولم ينج من ويلاتها أحد حتى وإن هو تصايح في الصباح وفي المساء بأنه لا يريد سوى السلم للبشرية جمعاء. المفروض هو أن يجتمع الناس النزهاء الحكماء لكي يصوبوا أصابع الاتهام للإرهابيين الحقيقيين في هذه الدنيا، وأن يلزموهم معنويا وأخلاقيا بالوقوف عند حدود أوطانهم أولا وأخير، وإلا فإن المجانين من كل نوع كفيلون بأن يولدوا ويترعرعوا في كل مكان من هذه الدنيا.