كشفت مصادر مسؤولة في باريس أن الرئيس نيكولا ساركوزي سوف يجري محادثات مع عدد من زعماء دول الساحل الصحراوي، وهذا على هامش الاحتفالات بالعيد الوطني الفرنسي المصادف لل 14 جويلية الجاري، تتناول مسألة التعاون الفرنسي – الإفريقي في مجال مكافحة الإرهاب ومواجهة ظاهرة اختطاف الرعايا الغربيين التي تجتاح العديد من دول المغرب العربي وجنوب الصحراء الكبرى. تراهن باريس على تفعيل التعاون مع بعض دول الساحل الإفريقي في المجال الأمني لمجابهة ما يسمى بالتهديدات المتزايدة لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، ونقلت وكالة الأنباء الكويتية عن مسؤول فرنسي أن باريس ستجرى محادثات مع عدد من الزعماء الأفارقة هذا الأسبوع بشأن الإرهاب، وهذا على هامش الاحتفالات بالعيد الوطني الفرنسي المصادف لل 14 جويلية الجاري. و يرتقب أن يشارك عدد من قادة وزعماء دول جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية في الاحتفالات بالعيد الوطني الفرنسي بينهم رؤساء موريتانيا والنيجر ومالي وبوركينا فاسو، وتعتبر هذه الدول وأخرى مرتعا لنشاطات المجموعات الإرهابية التي تعلن انتمائها لإمارة الصحراء التابعة لما يسمى بتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي. وأوضح المتحدث باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو أن »مساعدة الدول الإفريقية في الحرب ضد التهديدات عبر الحدود تمثل محور سياستنا الأفريقية والتعاون بيننا«،واستطرد في نفس السياق قائلا: »كان هذا أحد بنود جدول أعمال القمة الإفريقية الفرنسية في نيس في جوان المنصرم، وسيتم تناوله أيضا عندما يصل رؤساء الدول المدعوين إلى باريس لحضور احتفالات يوم الباستيل«، مع الإشارة أن المحادثات سوف تخيم عليها المجزرة التي ارتكبها الفصيل الصومالي » شباب المجاهدين«، بأوغندا، حيث قتل نحو 60 شخصا فضلا عن جرح ما لا يقل عن 200 شخص آخر، وهذا عبر تفجير استهدف مكانا مزدحما. وفي الوقت الذي تتصاعد فيه وتيرة العنف وتتضاعف فيه الهجمات التي تنسب إلى فصائل صومالية تنتمي إلى تنظيم القاعدة بمنطقة القرن الإفريقي، تشهد العديد من دول الساحل الصحراوي عمليات قتل وخطف لرعايا أجانب بينهم سائحون فرنسيون وأوروبيون، ولا يزال العديد من الرهائن في قبضة جماعات تدعي الولاء لشبكة تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي. وضاعفت الزمر الإرهابية التي تنشط تحت إمرة عبد الحميد أبو زيد، وتلك التي تتبع مباشرة إلى مختار بلمختار المدعو الأعور، من عملياتها في الجنوبالجزائري وبمالي والنيجر فضلا عن موريتانيا حيث نسبت لإمارة الصحراء التابعة لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي عمليات اختطاف رعايا غربيين خلال الأشهر الأخيرة، لطلب الفدية، وهو ما جعل العديد من المراقبين والمختصين في قضايا الإرهاب يدقون ناقوس الخطر ويعتبرون بأن اختطاف الرعايا الغربيين قد تتحول إلى ظاهرة خطيرة بمنطقة الساحل الإفريقي وقد تتوسع هذه الظاهرة في المستقبل القريب، يضاف إلى ذلك قيام الزمر الإرهابية النشطة ضمن إمارة الصحراء عمليات دامية استهدفت الجيش الموريتاني وجيش مالي، وارتكبت مؤخرا مجزرة حقيقية بمنطقة تنزاوتين بولاية تمنراست خلفت مقتل ما لا يقل عن 11 عنصرا من الدرك الوطني والحرس البلدي، وهو ما دفع بباماكو إلى الإعلان عبر مصادر في جيش مالي استعدادها للسماح للجيش الجزائري بملاحقة الإرهابيين داخل تراب مالي. وفضلا عن المواقف المعروفة للسلطات الجزائرية من التهديدات التي أصبحت تمثله زمر قاعدة بلاد المغرب في جنوب الصحراء الكبرى، حذر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مؤخرا خلال الكلمة التي ألقاها في اجتماع مجموعة الثمانية بكندا، من تنامي النشاط الإرهابي بمنطقة الساحل الصحراوي داعيا إلى وجوب دعم التنسيق بين دول المنطقة لمواجهة هذا الوباء القاتل. وتنظر الجزائر ودول الساحل الإفريقي إلى محاولات التدخل الفرنسي والأمريكي والغربي عامة بالمنطقة بعين الريبة، وفيما تسعى باريس إلى تزعم الدول الإفريقية في حربها على شبكات الإرهاب والجريمة العابرة للحدود، تصر الجزائر على أن تظل مسألة مكافحة الإرهاب وما يحيط به من نشاط إجرامي قضية إفريقية بحتة، وهو ما سعت إلى تكريسه من خلال الاجتماعات التي عقدها وزراء خارجية دول الساحل الصحراوي ثم لقاء قادة أجهزة الأمن والمخابرات في هذه الدول ولقاء رؤساء أركان دول الساحل الصحراوين وهي الاجتماعات التي كللت بإنشاء هيأة أركان إفريقية موحدة لمكافحة الإرهاب يوجد مقرها بتمنراست، بأقصى الجنوبالجزائري. للإشارة تتوفر فرنسا ، باعتبارها المستعمر القديم لهذا البلد، على مصالح كبيرة داخل مالي، خاصة في الشمال الذي يعرف حالة مستمرة من التوتر بسبب النشاط الإرهابي، أو بسبب تمرد التوارق، وتسيطر الشركات الفرنسية على مناجم اليورانيوم بهذه المنطقة، وهو ما يفسر سعيها المتواصل لتوسيع نفوذها بهذا البلد والتدخل عسكريا تحت غطاء مكافحة الإرهاب.