يكون قد التقى أمس بواشنطن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بنظيره الأمريكي باراك أوباما في إطار أول زيارة يقوم بها الأول إلى العاصمة الأمريكية منذ وصول الثاني إلى السلطة، والتي ستناقش إضافة إلى القضايا الدولية المعروفة موضوع مكافحة الإرهاب في منطقة المغرب العربي والساحل الإفريقي. وأجمعت وسائل إعلام عالمية أنه إذا كان ساركوزي وأوباما يختلفان حول طريقة وكيفية مكافحة الإرهاب في مناطق العراق وأفغانستان وباكستان، بالنظر إلى رفض باريس إرسال جنودها إلى هذه المناطق والزيادة في عددها فإنهما متفقان - حسب ادعائهما على ضرورة التصدي للتنظيم الإرهابي الذي يطلق على نفسه اسم ''القاعدة في بلاد المغرب''، والذي يتخذ من منطقة الساحل الصحراوي مكانا لنشاطه. وتذكر المصادر ذاتها أن فرنسا ساركوزي مستعدة كل الاستعداد لتعزيز تعاونها مع واشنطن ومساعدتها في تنفيذ المخطط الأمريكي بالمنطقة في إطار ما يسمى بمكافحة الإرهاب الدولي، سعيا منها لعدم فسح المجال أمام إدارة أوباما لتحقيق مزيد من النفوذ في منطقة لا تزال فرنسا تراها إلى اليوم محمية تابعة لها. وسيعمل ساركوزي على إقناع نظيره الأمريكي باتخاذ موقف وأجندة موحدة بشأن التغيرات التي تعرفها منطقة الساحل الإفريقي، قصد التمكن من الضغط على دول المنطقة التي لم يمر على اجتماعها بالجزائر سوى أسبوعين فقط، والذي أكدت فيه أن ''التعاون على المستويين الثنائي والجهوي يشكل إطارا لا يمكن تجاوزه من أجل مكافحة منسقة وفعالة وشاملة ودون أية تنازلات تجاه الإرهاب وارتباطاته''. وكانت مالي قد رضخت للضغوط الفرنسية ولشروط التنظيم الإرهابي المذكور آنفا، حينما أطلقت سراح أربعة إرهابيين، جزائريين وموريتانيين، مقابل إفراج الجماعات الإرهابية عن الجاسوس الفرنسي البير كاميت الذي اشترط الخاطفون لإخلاء سراحه دفع فدية مالية أيضا. وعشية عقد ندوة الجزائر، حيت فرنسا وأمريكا ومعهما بريطانيا دول الساحل الصحراوي لعقدها هذا الاجتماع، مؤكدة أنها ستقدم الدعم اللازم لتحقيق الغايات المنشودة منه، خاصة ما تعلق منها بمكافحة الإرهاب. وعلى عكس ما تراه الدول الغربية التي تقول إن معالجة مسألة عدم الاستقرار في الساحل الصحراي يكون بمنطق أمني محض، فإن دول المنطقة تؤكد على ضرورة الاهتمام بالجانب التنموي الذي يبقى الخطوة الأولى للتصدي والوقوف في وجه تحديات الإرهاب والمخدرات والجريمة المنظمة التي تفتك بشعوب الساحل الصحراوي. وفي هذا الشأن، قال وزير الشؤون الخارجية مراد مدلس خلال افتتاح ندوة الجزائر إن بلدان منطقة الساحل الصحراوي كلها ''وعي أن الأمن والسلم شرطان مسبقان للتنمية وأن الإرهاب وتحالفاته مع الجريمة المنظمة يمثلون تهديدا حقيقيا وموضوعيا للسلم والاستقرار''، مشيرا أن جميع هذه العوامل تشكل ''عوائق ومصاعب أمام جهود التنمية تحرم مواطنينا من طموحه المشروع في الحياة بسلام والتمتع بظروف العيش الكريم''.