اعتبر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أمن البلدان المغاربية، وبخاصة منها الجزائر، من أمن الدولة الفرنسية، وذهب إلى حدّ التأكيد بأن »المعركة التي تخوضها الجزائر والمغرب وتونس وليبيا ضد الإرهاب هي أيضا معركتنا«، كما رأى في الضربة العسكرية الأخيرة التي قامت بها القوات الموريتانية بدعم فرنسي نهاية شهر جويلية الماضي ضد أحد قواعد »القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي« بمثابة »مُنعرج حاسم في مُحاربة هذا التنظيم الإرهابي«. رفض نيكولا ساركوزي التسليم بفشل العملية العسكرية التي قامت بها قوات الجيش الموريتاني ضد أحد معاقل التنظيم المُسمى »القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي«، دون أن يتوان في الدفاع عن الدعم اللوجيستي الذي قدّمته فرنسا إلى السلطات الأمنية بنواقشوط، وعلى الرغم من عدم نجاح باريس في تحرير الرهينة »ميشال جيرمانو« الذي أعلنت »القاعدة« مقتله بعد يومين فقط من تلك العملية، فإن ساركوزي قال: »لأوّل مرة تمّ توجيه ضربة قاسية إلى الإرهابيين بفضل هجوم شنّته القُوات الموريتانية شهر جويلية بدعم من طرف فرنسا«. وأكثر من ذلك فإن الرئيس الفرنسي عاد إلى تفاصيل تلك العملية العسكرية خلال كلمة ألقاها مساء الأربعاء الماضي في ندوة السفراء بمقر الإليزيه، حيث تابع بكل ثقة: »إنني أقولها لكم بأن ذلك اليوم الذي تمت فيه العملية يُمثّل تحوّلا كبيرا« في إشارة منه إلى أن باريس نجحت في تلك العملية رغم عدم توفيقها في تحرير »ميشال جيرمانو«، ثم تابع في هذا السياق أن »فرنسا تدعمُ بدون أي تحفّظ الحكومات التي تطلب منها تكوين أو تجهيز وتعليم القوات المُتحرّكة التي يحتاجون إليها من أجل القضاء على الجماعات التي تُهدّد استقرار منطقة الساحل«. ومن هذا المُنطلق وصف العمليات التي يقوم بها فرع »القاعدة« في منطقة الساحل بأنها »بربرية«، مُعلنا أن الأخير رفض أية مُفاوضات مع السلطات الفرنسية من أجل إطلاق سراح »جيرمانو« وهو تصريح يتناقض مع آخر بيان صادر عن التنظيم الذي أكد فيه وجود مفاوضات موازاة مع العملية العسكرية التي استهدفت أحد مواقعه عبر حدود مالي وموريتانيا، وبحسب ما قاله نيكولا ساركوزي فإن »هؤلاء الإرهابيون يبحثون عن توسيع سيطرتهم على منطقة الصحراء الواسعة التي يقل فيها تواجد السلطات«. إلى ذلك صرّح ساركوزي بأن »الحرب ضدّ الإرهاب يبقى أولوية كبرى« بالنسبة لفرنسا، قبل أن يُضيف: »مُوازاة مع ذلك فإن تعاوننا المدني يُساعد هذه البلدان من أجل تعزيز دعمها لفائدة شعوبها، ونأمل أن يتجه الاتحاد الأوروبي نحو التزام أكثر في هذا الاتجاه«، وتركّز حديثه بعد ذلك على دعم بلدان الساحل في كل المساعي التي تهدف إلى القضاء على بقاء تنظيم »القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي« من خلال إشارته إلى أن »فرنسا تلتزم أيضا بالوقوف إلى جانب الجزائر والمغرب وتونس وليبيا: إن معركتهم ضد الإرهاب هي معركتنا، لأن أمن هذه البُلدان لا يُمكن فصله عن أمننا«. وفي تعليقه على العملية الأخيرة التي انتهت بتحرير اثنين من الرعايا الإسبان المُحتجزين منذ نوفمبر الماضي في معاقل تنظيم »مختار بلمختار«، أوضح الرئيس الفرنسي أن دفع الفدية ليس الإستراتيجية الوحيدة للإفراج عن الرهائن، وهو ما يُمثّل انتقادا ضمنيا إلى مدريد، وبرأيه فإن »الإستراتيجية الوحيدة ينبغي إلا تقوم على دفع فدية والقبول بالإفراج عن سجناء مقابل الإفراج عن أبرياء مظلومين.. لا يُمكن أن تكون هذه هي الإستراتيجية«. ووفقا لصحيفة »الباييس« الإسبانية فإن نيكولا ساركوزي بعث برسالة تهنئة إلى رئيس الحكومة الإسبانى »خوسيه لويس رودريجز ثباتيرو« قبل انتقاده للحكومة بيومين، ومن جانب آخر فقد اعتبرت الحكومة الإسبانية أن هذه الكلمات توبيخا لجهودها الكبيرة التي بذلتها للإفراج عن الرهينتين.