باشرت الحكومة الدخول الاجتماعي لهذا العام بالبحث عن التهدئة الاجتماعية سيما وأن عديد النقابات أعربت عن نيتها في اللجوء إلى شن احتجاجات في حال عدم الاستجابة لمطالبها، وتجسدت خطوة الحكومة في اللقاء الذي جمع وزير العمل والتشغيل الطيب لوح بممثلي المركزية النقابية ومنظمات أرباب العمل والذي عُقد في نفس اليوم الذي شهد الدخول المدرسي، في رسالة مفادها، أن أبواب الحوار مفتوحة مع الأطراف الاجتماعية والاقتصادية. عكس السنوات الماضية لجأت الحكومة هذه المرة إلى تسجيل حضورها مع الأطراف الاجتماعية والاقتصادية في بداية الدخول الاجتماعي، أي في اليوم الأول للدخول المدرسي، علما أن السنوات الأخيرة كثيرا ما كانت الثلاثية التي تجمع الحكومة، الاتحاد العام للعمال الجزائريين ومنظمات أرباب العمل تُعقد نهاية شهر أكتوبر على أدنى تقدير وذلك دون لقاء تمهيدي رسمي مثلما حدث أمس الأول حين التقى وزير العمل والتشغيل الطيب لوح بممثلي المركزية النقابية وأرباب العمل. ومن هذا المنطلق، يبدو واضحا أن البحث عن التهدئة الاجتماعية أصبح أحد أهداف الحكومة مع بداية الدخول الاجتماعي لهذا العام بالنظر إلى المؤشرات التي أصبحت تطبع الساحة النقابية مؤخرا والتي كشفت عن إمكانية حدوث حركات احتجاجية في مختلف القطاعات وهو ما اتضح من خلال التهديدات التي أعلنت عنها عديد النقابات سواء كانت مستقلة أو حتى تلك التي تنشط تحت لواء الاتحاد العام للعمال الجزائريين على رأسها فدرالية النسيج والجلود التي اشتكت نقص المواد الأولية وهددت باللجوء إلى تنظيم حركة احتجاجية قبل نهاية شهر سبتمبر الجاري. وجاء لقاء لوح بشركاء الحكومة في الثلاثية ليُقلل في الوقت نفسه بالخطأ الذي ارتكبته هذه الأخيرة والمتمثل في عدم تجسيدها للالتزام الذي اتُفق عليه خلال الثلاثية الأخيرة والذي مفاده عقد أربع ثلاثيات خلال السنة الجارية واحدة مُصغرة يترأسها الوزير الأول نهاية شهر مارس الماضي وأخرى نهاية شهر جوان وثالثة نهاية شهر سبتمبر الجاري على أن تُخصص لتقييم عمل اللجان المختلطة قبل عقد لقاء ثُلاثي عادي نهاية السنة يشهد الإعلان عن القرارات النهائية بخصوص الملفات التي تمت دراستها والمتمثلة أساسا في ملف التقاعد، ملف التعاضديات الاجتماعية، ملف المنح العائلية وكذا ملف العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي، علما أن ملف التقاعد جاهز ويوجد حاليا على طاولة الحكومة، حسب التصريحات الأخيرة لوزير العمل الطيب لوح، بحيث يُرتقب إلغاء نظام التقاعد دون شرط السن ابتداء من شهر جانفي 2011. ولم يكشف البيان الذي أصدرته وزارة العمل في ساعة متأخرة من مساء أمس الأول عن تفاصيل الملفات المعنية بالدراسة أو النتائج الجزئية التي توصلت إليها لغاية الآن اللجان الثلاثية المشتركة واكتفى بالتأكيد بأن اللقاء تطرق إلى مختلف القضايا وهو يدخل في إطار التحضير للقاء الثلاثي المُصغر المقبل دون تحديد تاريخه. وكانت مصادر نقابية، أكدت لنا سابقا أن ملف التقاعد فُصل فيه بصفة نهائية بينما لم يتم التوصل لغاية الآن إلى صيغة مُثلى تعفي الدولة من دفع المنح العائلية والعمل جاري حاليا من أجل التوصل على الأقل إلى مواصلة تكفل الدولة بدفع هذه المنح بالنسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وكذا المؤسسات التي تُعاني من وضعية مالية صعبة، أما بخصوص ملف التعاضديات الاجتماعية، فيُرتقب، حسب ذات المصادر، صياغة مشروع يُعيد النظر في تسييرها وكذا إيجاد صيغة لتوسيع نشاطها إلى التكفل بالمتقاعدين، أي دفع نسبة 10 أو 20 بالمئة إلى العمال المتقاعدين حتى يتمكن هؤلاء من الحصول على منحة تقاعد تتراوح نسبتها بين 90 و100 بالمئة من الأجر الشهري. وبالرغم من اللقاء الذي جمع لوح بممثلي المركزية النقابية وممثلي منظمات أرباب العمل، تبقى الحكومة مُطالبة بالتعامل بنفس المنطق مع النقابات المستقلة، كل واحدة في القطاع الذي تنشط فيه أو بصفة جماعية، حتى يتسنى لها التحكم في الوضع الاجتماعي وضمان التهدئة الاجتماعية المنشودة.