أكد الأستاذ نذير بولقرون أن حزب جبهة التحرير الوطني يستمد مرجعيته من المبادئ والأهداف التي تضمنها البيان التاريخي لثورة نوفمبر، الذي سجل تاريخ ميلاد جبهة وجيش التحرير الوطني ورسم الخطوط العريضة لمشروع الثورة المستقبلي، في أبعاده السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وأوضح أن مختلف الأدبيات، المنبثقة عن مختلف المؤتمرات، من مؤتمر الصومام إلى المؤتمر العاشر، تؤكد أن الحزب ملتزم بتجسيد ما نص عليه البيان بخصوص " بناء الدولة الديمقراطية الاجتماعية، في إطار المبادئ الإسلامية". قال المدير العام لجريدة "صوت الأحرار" خلال محاضرة بدار الثقافة بتلمسان، أول أمس، إن موضوع المنطلقات الفكرية لحزب جبهة التحرير الوطني، يقتضي أولا التذكير ببعض البديهيات، تتعلق أساسا بطبيعة التنظيم السياسي ومرجعيته وهويته الفكرية والسياسية، خاصة وأن المنطلقات الفكرية للحزب تشكل المعالم الكبرى المحددة لهويته، وهذا حتى لا يضيع منه الجوهر، كما أنها صمان الامان لسد الطريق أمام كل انحراف فكري أو سياسي. وفي هذا الشأن لفت المتحدث إلى أن المتتبع للمراحل التي قطعتها البلاد، من ميلاد جبهة التحرير إلى غاية الإعلان عن دستور 1989 وما بعده، يلاحظ أن منظومة أفكار الحزب تتميز بالاستمرارية والتراكم والتفاعل مع المتغيرات، دون أن تفقد جوهرها أو تتنكر للثوابت، معتبرا أن كثرة الأحزاب وتشابه البرامج أوجد أحزابا لا حدود بينها". لكن بالمقابل، يرى المحاضر أن المرجعية الفكرية لحزب جبهة التحرير الوطني تجعله يختلف، بل يجب أن يختلف عن غيره من الأحزاب، وهذا لعدة أسباب موضوعية، أهمها أنه حركة وطنية ثورية، تحررية وجامعة للشعب الجزائري ومعبرة عن إرادته في التحرر، حيث يرى الأستاذ بولقرون أن الشعب يراهن على الأفلان، باعتباره عنصر اعتدال وتوازن في الساحة الوطنية، وقال في ذات الخصوص، مخاطبا الحضور "تعرفون أنه لما تم تغييب حزبنا في مرحلة معينة، عرفت البلاد أو غرقت في تطرف مزدوج، لذلك فإن المواطن يجد نفسه في جبهة التحرير الوطني، لأنه الحزب الذي يمثل القواسم المشتركة للأغلبية الغالبة من الجزائريين، كما أنه يتميز ببنيته الاجتماعية، التي تعكس سائر فئات المجتمع وتؤكد خاصيته الشعبية، فهو بهذا المعنى ليس حزبا طبقيا منفصلا عن الجماهير الشعبية الواسعة". وقال المحاضر إن منظومة الأفكار التي اعتمدتها جبهة التحرير الوطني لدى تفجيرها الثورة، لم تكن وليدة العدم، بل هي حصيلة مسار نضالي طويل، قطعته الحركة الوطنية الجزائرية طيلة عقود بهدف استرجاع السيادة الوطنية المغتصبة وإعادة بناء الدولة، التي بذل الاحتلال كل ما في وسعه لتقويض أركانها، بعد أن كانت واضحة المعالم الجغرافية والتاريخية والسياسية وبارزة الطابع الوطني. وبخصوص أولويات الحزب، أكد نذير بولقرون"، أنها تتعلق بالمساهمة الجادة في ترسيخ الممارسة الديمقراطية في المجتمع، وهذا يجعل الحزب منبرا حرا للأفكار وتبادل الآراء وعرض المواقف، وهذا لتمتين الصلة مع الشعب، من خلال تمكين المواطنين من طرح مختلف القضايا في إطار نظامي، معتبرا أن القانون الأساسي هو الدستور الذي يحكم الجميع، ولا أحد له الحق في تحريفه أو تجاوزه أو توظيفه لصالحه. ومن هذا المنظور يؤكد الأستاذ بولقرون قائلا " إنه مهما كانت مسوؤلياتنا فنحن مطالبين بأن نتكون سياسيا، أن نتغذى فكريا، وأن نتزود بزاد ثقافي ومعرفي، في الاقتصاد والقانون والتاريخ ومختلف العلوم، وذلك لأن الحزب العصري هو الذي ينتج الأفكار والذي يتوفر على مناضلين أكفاء، متشبعين بمنظومة أفكار حزبهم وقادرين على خوض المنافسة السياسية بتميز واقتدار".