إذا كان صحيحا أن السفير الأمريكي بالجزائر روبرت فورد ينظم لقاءات مع رؤساء الأحزاب وممثلي المجتمع المدني لمناقشة الوضع في الجزائر والتطورات المستقبلية، كما نقلته الزميلة الخبر، فهذا يعني أن السفارة الأمريكية في الجزائر قد حادت كلية عن مهامها في التمثيل الدبلوماسي، وانحرفت إلى ممارسة نشاط يدخل في صميم مهام السلطات الجزائرية. إن "جلسات الاستماع" التي ينظمها السفير الأمريكي تبدو أوسع وأشمل وأهم من الجلسات التي ينظمها رئيس الجمهورية. ذلك لأن جلسات الرئيس تقتصر على أعضاء الحكومة الذين لا يمثلون سوى بعض الأحزاب فيما تشمل لقاءات السفير مختلف الفعاليات الوطنية. طبعا من حق فورد أن يرعى مصالح بلاده، لكن ليس من حقه أن يضرب الأعراف الديبلوماسية عرض الحائط، ويتصرف بعقلية "المندوب السامي" في دولة ذات سيادة. السفارة الأمريكية وبهذا السلوك لم تعد تتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد فحسب بل أصبحت تتصرف وكأنها سلطة موازية تجس نبض الطبقة السياسية ومختلف التنظيمات الأخرى حول قضايا حساسة تخص الجزائريين وتعني ممثليهم لا غير، وتدخل في صميم مهام السلطة القائمة. فإذا كان السياسيون وما يسموا بممثلي المجتمع المدني، معذورين في قبولهم المهانة الأمريكية لأنهم لم يجدوا من يستمع إليهم أو يحاورهم، فكيف للسلطات الجزائرية تسمح بان تعتدي سفارة أجنبية وإن كانت أمريكية بالسطو على واحدة من أهم وظائفها.