نقل أمس، الجزائريون العائدون من ليبيا صور عن الأوضاع الرهيبة التي عايشوها هناك، بعد الإحتجاجات التي داهمتهم والتي قابلتها القوات الليبية بالقوة أدت لوقوع مجازر إنسانية، تاركون وراءهم كل ممتلكاتهم وأموالهم التي اكتسبوها بعد سنين من العمل بهذا البلد، معبرين من جهة أخرى عن فرحتهم بالتمكن من إنقاذ نفسهم من »مذبحة قذافي« والعودة إلى الوطن. وبين الحسرة على تعب سنوات من العمل خارج أرض الوطن والفرحة بالتمكن من إنقاذ أنفسهم من المذابحة، يمكن تفسير التعابير التي تعلو وجوه الجزائريين العائدين أمس من ليبيا إلى أرض الوطن، بعد أن عملت الخارجية الجزائرية على تذليل كل الصعاب وضمان وصولهم في انتظار وصول باقي أعضاء الجالية المقدرة عددهم ب8 ألاف جزائري مقيم بليبيا. وبالرغم من أنهم منذ أيام كانوا يخططون لكيفية قضاء عطلة على أرض الوطن داهمتهم الاحتجاجات التي قابلتها بالقوات الليبية بالقوة، سارعت جاليتنا إلى السفارة لطلب العودة التي لم تكن مضمونة بسبب الظروف التي تعيشها ليبيا، وبتضافر الجهود تمكنوا من النجاة. وبوجوه يعلوها التعب وبنظرات تنم عن الخوف من غد غير معلوم وقف العائدون من طرابلس في أول رحلة خاصة لإجلاء الجزائريين المقيمين بليبيا مفروقين في أحسن الأحوال بحقائب خفيفة هي كل ما تمكنوا من حمله بعد فرارهم ما بين ليلة وضحاها من أوضاع أمنية آخذة في التدهور واعتداءات طالت الكثير منهم، تاركون وراءهم كل ممتلكاتهم وأموالهم التي اكتسبوها بعد سنين من العمل المضني بهذا البلد، وكان لحضور عدد من المسؤولين الجزائريين بأرض المطار الحل للحصول على الإجابات الشافية لانشغالاتهم التي تركز على الظروف الاجتماعية بين العمل والسكن، بعد أن خسروا كل شيء، خاصة وأن أغلبيتهم شباب فضلوا التنقل إلى ليبيا بحثا عن فرص للعمل، غير أنهم وجدوا أنفسهم في ظرف ساعات قلائل ودون سابق إنذار مضطرين للعودة إلى أرض الوطن تاركين وراءهم كل ما تمكنوا من جنيه. ومن بين هؤلاء فاطمة وناس القاطنة بطرابلس منذ 14 سنة والتي فضلت رفقة زوجها النجاة مع رضيعتهما التي لا يتجاوز سنها أشهر قليلة بعد أن انتشر الرعب عبر كافة أزقة العاصمة الليبية التي »أضحت شبيهة بميدان حرب«، حيث تحدثت فاطمة لوكالة الأنباء الجزائرية عن الخوف الذي أصبح يطبع حياة سكان مدينة طرابلس كل ساعة أين لا يتوقف هدير الرصاص الحي ليل نهار، حيث تقول »لم نعد نتعرف على طرابلس لقد تغير كل شيء فيها البناءات تعلوها النيران والاشتباكات لا تكاد تتوقف.. لقد أصبحنا نخاف على حياتنا لهذا قررنا الدخول حفاظا على أرواحنا، وعلى الرغم من هذه الأوضاع المتردية أكدت فاطمة أنها ستعود إلى ليبيا حالما تهدأ الأمور حيث تقول لقد اعتدت على العيش هناك وكونت صداقات حقيقية مع عائلات ليببية طيبة كما أنني تركت كل ما أملك هناك. وبنفس النبرة تحدثت حورية جعفر من الشلف والتي تقطن منذ ست سنوات بطرابلس رفقة زوجها وطفلتيها قائلة كنت أفضل البقاء في ليبيا فشعبها طيب جدا غير أن الأجواء أصبحت مخيفة لا يحمد عقباها. وتؤكد حورية أن الكثير من الجزائريين هم حاليا معتصمون بالسفارة والقنصلية في انتظار إجلائهم إلى الجزائر بعد أن استفحل العنف لدرجة مرعبة فالمحلات مغلقة والحركة منعدمة في أحياء العاصمة التي تحولت خلال بضعة أيام إلى مدينة منكوبة. ومن بين من تعرضوا للاعتداء أحمد ياسين بن أحمد الذي قال »كنت أتأهب لفتح المقهى الذي اشتغل به منذ سنة تقريبا لأفاجأ بهجوم عصابة مسلحة اقتادتني إلى الساحة الخضراء أين تعرضت للضرب المبرح رفقة أشخاص آخرين«، وفور إطلاق سراحه توجه ياسين إلى سفارة الجزائر ليعود بعدها إلى أرض الوطن. وقد تلقى ياسين رفقة شباب آخرين وعودا بالاستفادة من تسهيلات للحصول على قروض لإنشاء مؤسسات مصغرة على مستوى ولاياتهم الأصلية.