منذ سنوات وأبو جرة سلطاني يتعمد إظهار عدم رضاه عن التحالف الرئاسي، وفي مرات كثيرة هدد بالانسحاب منه وبالتحالف مع الإسلاميين، وهذه المرة هو يمزج بين مطلبه الذي يسميه برقية التحالف إلى شراكة سياسية وبين التحذير من أن هذا التحالف سيتبدد إن هو فشل في أن يتجدد، وعنوان التجدد هو إعادة النظرة في الوثيقة المؤسسة للتحالف. الوثيقة التي يتحدث عنها سلطاني هي في الأصل بيان صحفي مقتضب صدر عشية الانتخابات الرئاسية سنة 2004 وقد تضمنت إعلانا بتنسيق الموقف الانتخابي بدعم الرئيس بوتفليقة، وقد تضمنت الوثيقة إلى إمكانية دراسة التنسيق والدخول بقوائم موحدة في الانتخابات في المستقبل، والذي حدث هو أن أعضاء التحالف دخلوا في معارك ضد بعضهم البعض، وتحالفت أحزاب منهم مع أحزاب من خارج التحالف في الانتخابات، وقد لخص أحمد أويحيى الوضع بالقول إن التحالف وجد من أجل دعم برنامج الرئيس بوتفليقة وفقط، وهي طريقة أخرى للقول بأنه لا يحمل من التحالف إلا الاسم. المشكلة هنا هي لماذا يصر سلطاني على البقاء في التحالف ما دام يشعر بأن حركته مهمشة وأن هناك دائما ما يطبخ في غفلة منها، فهو من جهة يقول بأن حركته هي التي تمسك بالتوازن على الساحة السياسية وأنها لعبت دورا أساسيا في حماية البلاد خلال السنوات الماضية لكنه لا يستعمل على هذا الثقل لتصحيح ما يراه خللا في هذا التحالف، بل إن خطابه عن توسيع المشاورات حول الإصلاحات السياسية يحمل إشارات واضحة إلى أنه يريد للحوار أن يبقى محتكرا في الوسط الحزبي وربما في التحالف الرئاسي. الخطاب الذي يعتمده سلطاني في غالب الأحيان يقوم على التهديد وربما أوحى بوجود نية في الابتزاز في بعض الحالات، وهذه إشارة إلى أن هذه الأحزاب التي تتحدث عن ضرورة التكيف مع ما يجري في المحيط الإقليمي والدولي تبدو عاجزة تماما عن استيعاب ما يجري، فالشعوب لم تعد تقبل الربط بين التغيير والحرب الأهلية، وهي اليوم تضع كل المحاذير الأمنية جانبا لأنها أدركت بأنها مجرد فزاعة لمنع التغيير، وأكثر من هذا هي مدركة بأن الأحزاب السياسية لم تعد أنسب وسيلة للتغيير.