أكد المحلل الاقتصادي مسدور فارس، أن الأوراق النقدية من فئة ألفين دينار جزائري، التي سيكتشفها المواطن يوم 28 أفريل القادم، مثلما أعلنه البنك المركزي، ستشكل تهديدا حقيقيا على الاقتصاد الوطني، بالنظر إلى أن هذه الأوراق ستكون عملة سهلة في يد الشبكات الإجرامية التي تحترف تزوير النقود على غرار مع تعرضت له الأوراق النقدية من فئة ألف دينار، ومن هذا المنطلق من الصعب أن تكون حسب ذات المحلل هذه الأوراق بمثابة حلا لمشكل السيولة الذي عرفته مراكز البريد عبر الوطن. رافع المحلل الاقتصادي مسدور في حديث مع »صوت الأحرار«، من أجل تعاملات مالية الكترونية من شأنها القضاء كلية على مشكل السيولة الذي عرفته مراكز البريد على المستوى الوطني خلال الشهور الفارطة، حيث أوضح أن جذور هذه الأزمة تعود إلى عملية سحب الأوراق النقدية من فئة 200 دينار جزائري من السوق بسبب اهترائها، إضافة إلى عملية التزوير التي طالت الفئة النقدية من نوع ألف دج، بما جعل شبكات إجرامية تغرق السوق الوطنية بمئات الملايير من الأوراق المزوّرة. ومن هذا المنطلق يرى الأستاذ مسدور، أن التفكير في إصدار أوراق نقدية من فئة 2000 دج لحل مشكل السيولة يعد تهديدا كبيرا للاقتصاد الوطني، وذلك بسبب الاستغلال الذي قد تتعرض له هذه الفئة النقدية التي يسهل تزويرها مثلها مثل الفئة من نوع 1000 دج، خاصة وأن الشبكات الإجرامية المحلية تنشط مع شبكات أجنبية، مثل المافيا الايطالية، مع العلم أنه كلما تطورت تكنولوجيا صناعة النقود، فإن تقنيات التزوير ترافقها. وبهدف تسوية مشكل السيولة والقضاء على هذه الأزمة التي عانى منها الكثيرون على مستوى مراكز البريد يقترح المحلل الاقتصادي أن تقوم الوصاية بتوسيع آلات الدفع الالكتروني وإصدار بطاقات الدفع الخاصة بهذه العملية، بالإضافة إلى إجبار المتعاملين التجاريين على استعمال الصكوك بالنسبة للقيم المالية التي تتجاوز 50 ألف دج، كما يجب منع المواطنين بقوة القانون من تخزين الأموال في الصناديق الخاصة أو في المنازل. وفي تقدير الخبير الاقتصادي، فإن قيمة الكتلة النقدية المتداولة في السوق الوطنية لا تمثل سوى 40 بالمائة من الكتلة الإجمالية التي يطبعها البنك المركزي، واستنادا لما ورد في الجريدة الرسمية العام الفارط، فإن هذه الكتلة مقدّرة بحوالي 180 ألف مليار دينار جزائري. وبغض النظر عن كل هذه المعطيات عبر الأستاذ مسدور عن سخطه اتجاه أزمة السيولة التي يمكن حلها عن طريق تبني هذه المبادئ البسيطة، وفضّل أن يذكر بحق المواطن البسيط في رفع دعوى قضائية ضد أي مركز بريد لا يوفر له السيولة. وقال في هذا الصدد: »من حق أي مواطن أن يسحب الأموال التي هو بحاجة إليها من مراكز البريد وفي أي وقت دون سابق إنذار«. أمام استمرار مشكل السيولة الذي عرف انفراجا نسبيا بالمقارنة مع الشهور الفارطة، كان وزير البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، موسى بن حمادي، قد صرح بأن الأزمة ناجمة عن الزيادات في أجور الموظفين والتي قد تؤدي إلى ارتفاع في نسبة التضخم، مشيرا إلى ضرورة تحسين سلوكيات المواطنين الذين يجب أن لا يسحبوا أموالهم دفعة واحدة، وبالمقابل قال إن البنك المركزي بصدد إصدار مزيد من الأوراق النقدية لتجاوز المشكلة. وبدوره أكد بلال محمد رئيس الديوان بالوزارة ذاتها أن الأوراق النقدية من فئة ألفين دينار من شأنها القضاء على أزمة السيولة. مواطنون متذمرون من الطوابير الطويلة على مستوى مراكز البريد وخلال الجولة الميدانية التي قادتنا إلى عدد من مراكز البريد على مستوى العاصمة، كان من الصعب الحديث إلى المسؤولين بمراكز البريد والذين أكدوا لنا أنه حتى في حال حصولنا على ترخيص من الجهات المعنية، فإن الاستجواب سيقتصر على المواطنين داخل قاعات الانتظار دون موظفي البريد، وعليه فقد استجوبنا عدد من الموظفين خارج المقر. يوسف، متقاعد يبلغ 57 من العمر، بالرغم من أنه يجهل السبب الذي يقف وراء أزمة السيولة في الجزائر، إلا أنه عبر عن تذمره من الأزمة التي يدفع المواطنون ثمنها بالوقوف على طوابير طويلة داخل مراكز البريد، المشكل غير مطروح بالنسبة لحسين البالغ من العمر 50 سنة الذي اعتبر أن مشكل السيولة غير مطروح على مستوى المركز الذي يتردد عليه، أما أحد الموظفين العاملين بمركز بريد سيدي محمد، قال إن المشكلة قد حلت نهائيا وبإمكان أي مواطن أن يسحب حتى 200 ألف دج وأضاف أن إصدار الأوراق النقدية من فئة ألفين دج سيحل المشكل لا محالة. وسط هذا المد والجزر على مستوى مراكز البريد، يبقى مشكل السيولة مطروحا بقوة، في الوقت الذي يرى فيه البعض أن إصدار أوراق نقدية جديدة سيساهم وبشكل كبير في القضاء ولو نسبيا على هذه الأزمة، وبالمقابل يبقى الطرح المرتبط بضرورة تبني نظام اقتصادي الكتروني قائما وذلك بهدف حماية الاقتصاد من كل عمليات التزوير التي قد تغرق السوق بأوراق نقدية مزورة.