اعتبرت الولاياتالمتحدة أن قتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن فجر أول أمس في عملية خاصة بباكستان لن ينهي الحرب الأمريكية على القاعدة وعلى ما يسمى »الإرهاب«، في حين قالت إسلام آباد إنها لم تشترك في هذه العملية التي لاقت ردود فعل عالمية واسعة، وهددت جماعات مسلحة بالرد عليها. وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إن المعركة ضد القاعدة لم تنته بمقتل زعيمها أول أمس في مدينة إبت آباد قرب العاصمة الباكستانية، وأكدت مواصلة الحرب على حركة طالبان في أفغانستان. وأضافت كلينتون أن الولاياتالمتحدة ستواصل تعاونها مع باكستان في ما تعتبرانه »حربا على الإرهاب«، مشددة على أن ضحايا التفجيرات التي نسبت للقاعدة كانوا من جميع الديانات بما فيها الإسلام. ومن جهته حذر مدير المخابرات المركزية الأمريكية ليون بانيتا من أن »الإرهابيين« سيحاولون بالتأكيد الانتقام لمقتل بن لادن، كما حذر الأمين العام للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (إنتربول) رونالد نوبل من أن مقتل بن لادن سيزيد من تهديد الهجمات التي تشنها القاعدة وجماعات أخرى. وفي مزيد من التفاصيل عن عملية قتل بن لادن قال مسؤولون أمريكيون مطلعون إن المهمة نفذها فريق من أفراد القوات الأمريكية الخاصة المتمركزين في أفغانستان. وأكد مسؤول أن القوة ضمت متخصصين في الأدلة الجنائية كانت مهمتهم جمع أدلة تثبت سقوط بن لادن في الغارة. وقال مساعد الرئيس الأمريكي لشؤون الإرهاب جون برينان إن أوباما وعددا من مستشاريه اجتمعوا الأحد الماضي قبل بدء العملية وتمكنوا من مراقبة تطورها من البداية حتى النهاية. وألمح برينان إلى تلقي صور فيدو حية عن العملية حين تحدث عن مشاهدة مروحية تعطلت، وقال إن »رؤية تلك المروحية في مكان ووضع يجب أن لا تكون فيه -على الأقل بالنسبة لي ولأشخاص آخرين في الغرفة- شكل قلقا من اضطرارنا للانتقال إلى خطة الطوارئ«. ومن جهتها نقلت شبكة »سي.أن.أن« الأمريكية عن مسؤول رفض الكشف عن اسمه أن الرئيس شاهد بعض الصور المباشرة، غير أنه رفض تقديم تفاصيل عن طبيعتها. وعن مصير جثة بن لادن بعد مقتله قال برينان إن الجثمان غُسّل وكُفّن وتليت عليه آيات من القرآن. وأشار إلى أن مراسم تشييع الجثمان استغرق ساعة تقريبا على متن حاملة الطائرات الأمريكية كارل فينسون، وذلك قبل أن يوضع في حقيبة بها أثقال ويرمى به في مياه بحر العرب. وقال مسؤول أمريكي إن الولاياتالمتحدة لديها تسجيل مصور لعملية رمي الجثمان في البحر. ومن جهته أدان شيخ الأزهر أحمد الطيب إلقاء جثة أسامة بن لادن في البحر, وقال في بيان أصدره إن ذلك »يتنافى مع كل القيم الدينية والأعراف الإنسانية«, وأكد أنه »لا يجوز في الشريعة الإسلامية التمثيل بالأموات مهما كانت مللهم ونحلهم« وأن »إكرام الميت دفنه«. وتوالت ردود الفعل الرسمية على مقتل بن لادن، إذ أبدت دول كثيرة ارتياحها لمقتله وعدّ بعضها ذلك انتصارا للديمقراطية وبداية نهاية ما يسمى »الإرهاب«، في حين حذر عدد من الدول من أن هذا الحادث لا يعني نهاية الصراع مع القاعدة. ومن جانبها طالبت جماعة الإخوان المسلمين في مصر أول أمس بانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان والعراق بعد مقتل بن لادن، وقال المتحدث باسمها عصام العريان إنه بمقتل بن لادن أزيل أحد أسباب ممارسة العنف في العالم، وتوقع حدوث رد فعل عنيف لمقتله. وفي المقابل استنكر رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة بغزة إسماعيل هنية قتل بن لادن، ووصفه بأنه »مجاهد عربي ومسلم« رغم الاجتهادات والاختلافات في الساحة العربية والإسلامية حول دور القاعدة. وهددت حركة طالبان باكستان بشن هجمات على أعضاء الحكومة والجيش الباكستانيين، وأيضا على الولاياتالمتحدة بعد الإعلان عن مقتل بن لادن. كما جاءت تهديدات من أعضاء في منتديات جهادية بالانتقام إذا كان »خبر مقتل تنظيم القاعدة أسامة بن لادن صحيحا«. وأعلنت الولاياتالمتحدة أمس إغلاق سفارتها في إسلام آباد وثلاث قنصليات بمدن باكستانية أخرى أمام الجمهور. وجاء في بيان للسفارة أنها ستغلق أبوابها في وجه الجمهور وفي وجه »الأعمال اليومية المعتادة«، وأن هذا الإغلاق سيشمل أيضا القنصليات الأمريكية في بيشاور ولاهور وكراتشي وسيستمر »إلى إشعار آخر«.