حذر خبراء وأكاديميون أمس من الاستعمال غير الآمن لشبكات التواصل الاجتماعي عبر الأنترنيت والتي تكرس حرية التفكير والتعبير لكنها لا تخلو في المقابل من مخاطر هدم المجتمعات مثل الجريمة المنظمة والإرهاب والتجسس، وتشير الأرقام إلى تضاعف عدد المشتركين الجزائريين في موقع الفايسبوك في الأشهر الأخيرة بعد الأحداث التي عرفتها المنطقة العربية ثلاث مرات حيث قفز عددهم إلى 2.1 مليون مشترك، 90 بالمائة منهم تقل أعمارهم عن 44 سنة. استعرض أمس المشاركون في اليوم البرلماني حول شبكات التواصل الاجتماعي من خبراء وأكادميين علاقة الشباب بشبكات التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها مواقع التويتر ويوتوب والفايسبوك، وتأثير هذه الأخيرة على المجتمعات سلبا وايجابا، خاصة في ظل قوة اكتساح هذه المواقع للمجتمعات حيث تشير الأرقام إلى وجود أكثر من 670 مليون مشترك في موقع الفايسبوك الذي اكتسح العالم في ظرف سنوات معدود وأنه لو كان دولة على حد تعبير أحد المتدخلين لاحتل المرتبة الثالثة بعد الصين والهند من حيث عدد السكان، إلى جانب وجود أكثر من 220 مليون مشترك في موقع تويتر. وبالنسبة للجزائر فقد أشار الدكتور يونس قرار في مداخلته إلى ما يزيد عن 2.1 مليون مشترك في موقع الفايسبوك وهو ما يمثل 6 بالمائة من عدد الجزائريين و44 بالمائة من مستعملي الأنترنيت في الجزائر، وأكد المتدخل أن 90 بالمائة من هؤلاء الذين يستعملون الفايسبوك في الجزائر تقل أعمارهم عن 44 سنة أي كلهم من فئة الشباب، وأن 68 بالمائة منهم ذكور. وقد تضاعف عدد الجزائريين مستعملي الفايسبوك منذ جانفي الفارط لمواكبة الأحداث التي عرفتها وتعرفها المنطقة العربية ثلاث مرات، حيث لم يكن العدد يتجاوز 600 ألف مشترك، بالنظر لما لعبه هذا الموقع في نقل الأحداث وتغطيتها المباشرة. أما الدكتور العيد زغلامي فقد تطرق في مداخلته إلى التأثيرات المجتمعية والأمنية والاجتماعية لشبكات التواصل الاجتماعي، وقال إن العولمة والرقمنة ظاهرتين أحدثتا تغييرا جذريا في عالم اليوم ، مشيرا إلى أن الحرب الالكترونية باستعمال الشبكات الاجتماعية تسبق اليوم الحرب الكلاسيكية، وأكد في هذا الإطار أن الفايسبوك لم يصنع الثورات والانتفاضات وإنما روّج لها وكان محركا أساسيا لها. وفي سياق موصول اعتبر المتحدث الاستعمال الآمن لهذه الشبكات الاجتماعية قد تحول إلى معضلة دولية، بالنظر لاستغلالها في الجوسسة وفي الجريمة المنظمة وفي الإرهاب، وأشار في هذا الإطار إلى دولة شرق أوسطية تحفظ عن ذكر اسمها، قال إن هناك معلومات استخبارتية تؤكد قيام هذه الدولة بدراسة عن مضمون استعمالات الجزائريين لشبكات التواصل الاجتماعي. ولم يتوان المتحدث عن تحميل التضييق الذي يمارسه الإعلام الواقعي مسؤولية توجه الشباب للإعلامي الافتراضي عبر هذه الفضاءات ودعا إلى إعادة النظر في النظام الإعلامي في الجزائر. أما الدكتور محمد لعقاب ومن خلال مداخلته التي حملت عنوان الشباب وظاهرة الإعلام الالكتروني البديل، فقد تطرق للدور الذي لعبته الفضائيات وشبكة الأنترنيت في الأحداث التي عرفتها المنطقة العربية وأنها كانت وراء زيادة الضغط الشعبي على الأنظمة ومنها النظام التونسي والمصري السابقين، ومن وجهة نظر الدكتور لعقاب فإن العالم اليوم أمام ظاهرتين: الأولى سياسية تعكسها الاحتجاجات التي تعبر عن احتقان شعبي وغضب جماهيري من الأنظمة العربية وهي ظاهرة قديمة في تحليله، أما الظاهرة الثانية فهي إعلامية وهي جديدة وتتعلق بتدخل شبكة الأنترنيت لنشر كل ما كان نشره ممنوعا في الماضي من خلال المحتوى الذي يقدمه مستخدمو هذه المواقع وشبكات التواصل الاجتماعي والتي جعلت من الشباب مستعمل هذه الفضاءات صحفيين من دون بطاقات مهنية. وأكد المتحدث على أن تكنولوجيا المعلومات أصبحت لاعبا سياسيا محوريا والجيل الجديد هو جيل رقمي والمواطن الحديث هو مواطن شبكي، والمواطنون الإلكترونيون أصبحوا عالميين يتعاطفون مع بعضهم البعض.